شريط الأخبار

هَدْيُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين منذ 0 ثانية 3178

لَقَدْ خَصَّ اللهُ تَعَالى الأُمَّةَ المُسْلِمَةَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، وَهُوَ شَهْرٌ ظَهَرَ فَضْلُهُ، وَتَعَدَّدَتْ مَزَايَاهُ، حَتَّى غَدَا الضَّيْفَ العَزِيزَ الذِي تَتُوقُ إِلَيْهِ نُفُوسُ المُؤْمِنِينَ، فَتَتَهَيَّأُ فِيهِ لِلْطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ، وَالإِكْثَارِ مِنْ فِعْلِ الخَيْرَاتِ، وَمِمَّا خُصَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ لَيَالِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْهُ، لَا سِيَّمَا لَيْلَةُ القَدْرِ المُعَظَّمَةُ، التِي نَزَلَ فِيهَا القُرْآنُ الكَرِيـمُ، قَالَ تَعَالى: ﴿حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ، رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الدُّخَان:1-6].

وَكَانَ فِيهَا لِلْنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَالٌ يَخْتَلِفُ عَنْهُ فِي غَيْرِهَا، وَمِنْ هَدْيِهِ فِيهَا مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَجْتَهِدُ فِيهَا مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا" [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَمِنْ هَدْيِهِ أَنَّهُ "كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهَا وَيَتَحَرَّى لَيْلَةَ القَدْرِ خِلَالَهَا" [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، وَمِنْ هَدْيِهِ أَنَّهُ كَانَ يَجْتَهِدُ بِالْصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالاسْتِغْفَارِ، إِذْ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ، وَيُوْقِظُ أَهْلَهُ لِلْعِبَادَةِ، وَيُشَمِّرُ لَهَا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَشَدَّ مِئْزَرَهُ"، وَزَادَ مُسْلِمٌ: "وَجَدَّ وَشَدَّ مِئْزَرَهُ".

وَقَوْلُهَا: "أَحْيَا اللَّيْلَ" أَيْ: اسْتَغْرَقَهُ بِالْسَّهَرِ فِي الْصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الآخَرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: "وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ" [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، فَيُحْمَلُ قَوْلُهَا: "أَحْيَا اللَّيْلَ" عَلَى أَنَّهُ يَقُومُ أَغْلَبَ اللَّيْلِ، أَوْ يَكُونُ المَعْنَى أَنَّهُ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ لَكِنْ يَتَخَلَّلُ ذَلِكَ العِشَاءَ وَالسَّحُورَ وَغَيْرَهُمَا، فَيَكُونُ المُرَادُ أَنَّهُ يُحْيِي مُعْظَمَ اللَّيْلِ، وَقَوْلُهَا: "وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ" أَيْ: أَيْقَظَ أَزْوَاجَهُ لِلْقِيَامِ، وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُوقِظُ أَهْلَهُ فِي سَائِرِ السَّنَةِ، وَلَكِنْ كَانَ يُوقِظُهُمْ لِقِيَامِ بَعْضِ اللَّيْلِ، فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحِجْرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ»، وَفِيهِ كَذَلِكَ أَنَّهُ "كَانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوقِظُ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ" [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]، لَكِنَّ إِيَقَاظَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَهْلِهِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ أَظْهَرَ مِنْهُ فِي بَقِيَّةِ العَامِ، وَقَوْلُهَا: "وَشَدَّ مِئْزَرَهُ" كِنَايَةٌ عَنْ الاسْتِعْدَادِ لِلْعِبَادَةِ وَالاجْتِهَادِ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى المُعْتَادِ، وَمَعْنَاهُ التَّشْمِيرُ فِي العِبَادَاتِ، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ وَتَرْكِ الجِمَاعِ لِانْشِغَالِهِ بِالْعِبَادَةِ.

وَهَدْيُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذَا يَدُلُّ عَلَى اهْتِمَامِهِ بِالْطَّاعَاتِ، وَاغْتِنَامِهِ مَوَاسِمَ الْخَيْرِ، وَمِنْهَا شَهْرُ رَمَضَانَ، وَلَا سِيَّمَا عَشْرُهُ الأَخِيرُ، فَيَنْبَغِي عَلَى المُؤْمِنِ الاقْتِدَاءُ بِالْنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ خَيْرُ قُدْوَةٍ، قَالَ تَعَالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأَحْزَاب:21]، فَيَجِدُّ وَيَجْتَهِدُ فِي طَاعَةِ اللهِ تَعَالى، وَيَسْتَغِلُّ هَذَا المَوْسِمَ العَظِيمَ بِمُضَاعَفَةِ أَعْمَالِ البِرِّ وَالخَيْرِ، وَالأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا.

أَسْأَلُ اللهَ تَعَالى لَنَا وَلَكُمْ قَبُولَ الأَعْمَالِ، وَمُضَاعَفَةَ الأُجُورِ، وَأَنْ يُبَلِّغَنَا لَيْلَةَ القَدْرِ وَلَا يَحْرِمَنَا خَيْرَهَا، اللَّهُمَّ آمِينُ.

مقالات مشابهة

الجِهَادُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ

منذ 5 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

الزَّكَاةُ طَهَارَةٌ وَبَرَكَةٌ

منذ 9 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

وَمَا فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا مَنْ قُتِلَ!

منذ 13 دقيقة

أ. نور رياض عيد - خطيبٌ بوَزارةِ الأوْقاف

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

هَدْيُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ

منذ 1ثانية3178
مفهوم الحب والتعاون الدعوي وأثرهما على رواد المسجد

منذ 2 دقيقة3262
أئمة المساجد.. ومسؤولية التوجيه

منذ 5 دقيقة5253
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi