شريط الأخبار

ثقة مهزوزة

أ. محمد عبده - باحث شرعي منذ 0 ثانية 2910

ومن السلوكيات الخاطئة التي قد يُصاب بها البعض اهتزاز ثقتهم بإخوانهم، فثقة البعض أحياناً ما تهتز، ويعتريها القلق والخوف وعدم الاطمئنان، كثيراً ما يعارض بعضنا البعض، ونشكك في قراراتنا، وأحياناً يُسيء البعض الظن فيمن حولهم، وكثيراً ما تكون الأفعال محمولة على سوء الظن، وقد لا يقتصر ذلك على الأقران ولكن قد يتعداهم إلى القادة.

وعدم الثقة تولد نوعاً من الشك الدائم عند البعض تجاه إخوانهم، مما يتبعه عدم استشارتهم، والأخذ بآرائهم، والاستئناس بنصحهم، وذلك في الحقيقة إنما يعكس جهل بحقيقة معنى الثقة التي أرادها الإمام من أبنائه، فها هو يوضح في تبيان كامل مراده من الثقة التي يفقدها البعض في بعض الفترات أثناء السير في الطريق يقول -رحمه الله-: "وأريد بالثقة اطمئنان الجندي إلى القائد، في كفاءته وإخلاصه، اطمئناناً عميقاً ينتج عن الحب والتقدير والاحترام والطاعة، ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ [النساء:65].

والقائد جزء من الدعوة، ولا دعوة بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة وإحكام خططها ونجاحها في الوصول إلى غاياتها وتغلبها على ما يعترضها من عقبات وصعاب، ﴿فأولى لهم*طاعة وقول معروف﴾ [محمد:20،21] وللقيادة في دعوة الإخوان:

- حق الوالد بالرابطة القلبية.

- والأستاذ بالإفادة العلمية.

- والشيخ بالتربية الروحية.

- والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة.

- ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعاً.

- والثقة بالقيادة هي كل شيء في تاريخ الدعوات.

أخي القاري لعلك لا تختلف معي أننا حينما نسمع مثل هذه المعاني العظيمة؛ نشعر بمدى جرم البعض في حق دعوتهم وقادتهم وكل من صاحبوهم في الطريق، لأنهم بعدم ثقتهم في إخوانهم قادةً كانوا أم جنوداً قد أخروها، ونالوا من كفاءة ومكانة إخوانهم، فكم من المتاعب والصعاب سببوها لهم، وكم من مرة أفشلوا فيها الدعوة أن تتفق على قرار بسبب تشكيكهم في أراء قادتهم.

بل كم من مرة قادوا هم حملات التشكيك والاتهامات التي يروجها أعداء الدعوة والمتربصون بها عن قصد وغير قصد، كم من مرة أشعلوا ناراً للفتنة بإصرارهم على تجريح الآخرين والنيل منهم، إنه لمن المؤسف حقاً أن ينظر الإنسان لمن دونه من الأقران نظرة انتقاص دائماً، أو لا يثق في قدراتهم وإمكاناتهم، أو ينظر إليهم دائماً على أنهم غير مؤهلين ولا يستطيعون أداء الكثير من المهام الدعوية، لذلك لا يمنحهم صاحب هذه النظرة العمل إلا بتوجيهاته وتعليمات منه في كل صغيرة وكبيرة، فيقتل فيهم الإبداع والابتكار والقدرة على الإنتاج والتطوير.

إننا حينما نتحدث عن الثقة فإنها تكون دائما متبادلة بين الجندي والقائد، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الجندي فهو يثق في قادته ثقة كبيرة غير متناهية، ولا حدود لها، ولكي تُرَسَّخ هذه العلاقة وتصبح واقعاً عملياً في حياة الدعاة لفت نظرنا الإمام الشهيد -رحمه الله- إلى السبيل لذلك فقال: "عليه أن يتعرف على قائده عن قرب، ويدرس ظروف حياته وأن يطمئن لكفايته وإخلاصه وأن يحاول دائماً الاقتراب منه، فإن تم ذلك فسيسهل عليه أن يسمع ويطيع لهذا القائد دون تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج، مع ابداء النصيحة والتنبيه إلى الصواب، بل سيفرض في نفسه الخطأ وفي القيادة الصواب، إذا ما تعارض ما أمر به مع ما تعلم في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نص شرعي".

ومع ضرورة ثقة الجنود في قيادتهم تأتي ضرورة وأهمية ثقة القيادة في جنودها، فلابد من الثقة مع من يسيرون معنا في الطريق، فلا ننتقص منهم، بل نوقن دائماً أنهم على خير، وليس معنى وقوع البعض في بعض المخالفات، أو ترخصهم في بعض الأمور أن يسقط بذلك اعتباره فهذا أمر غير مقبول.

وإن المحزن أن يبقى الفرد مرهون بذنب ارتكبه من سنوات عديدة، ويصبح ملازماً له طول عمره، ولا يكون هناك ثقة في أنه تركه وتبرأ منه.

مقالات مشابهة

ثقة مهزوزة

منذ 0 ثانية

أ. محمد عبده - باحث شرعي

ثقافة الوفاق

منذ 1دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

طاعة مفقودة

منذ 9 دقيقة

أ. محمد عبدو - باحث شرعي

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

ثقة مهزوزة

منذ 0 ثانية2910
ثقافة الوفاق

منذ 1دقيقة2822
القناعةُ .. كنز تغتنمه في الدنيا و الآخرة

منذ 1دقيقة2658
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi