شريط الأخبار

كَيْفَ نَنْجَحُ فِي تَغْيِيرِ واقِعِنا؟

أ. راني أحمد العدلوني - خَطيبٌ بِوَزارةِ الأَوْقاف منذ 0 ثانية 2962

يَعِيشُ العالَمُ الإِسْلامِيُّ عَلى وَجْهِ العُمُومِ وَأَهْلُ فِلَسْطِينَ خاصَّةً وَضْعاً مَعِيشِيّاً صَعْباً؛ نَتِيجَةَ تَراكُمِ الأَزَمَاتِ وَالمَصائِبِ المُتَلاحِقَةِ التِي أَصابَتْهُم وَلَحِقَتْ بِهِمْ، وَمِمَّا لا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الكُلَّ يَرْنُو إلى الفَرَجِ وَالخَلاصِ مِنَ الواقِعِ المَرِيرِ، وَلِكَيْ يَصِلَ النَّاسُ إلى مُرادِهِم يَنْبَغِي أَنْ يُدْرِكُوا أَنَّ التَّغْيِيرَ المَنْشُودَ الذِي يَنْتَظِرُونَهُ فِي حَياتِهِم لا يَتَحَقَّقُ بِالأَمانِي وَكَثْرَةِ الشِّعاراتِ وَالأَقْوالِ، بَلْ هُوَ نابِعٌ مِنْ أَفْعالٍ تُساهِمُ فِي إِحْداثِ التَّغْيِيرِ، لا سِيَّما أنَّ ذَلِكَ مَرْهُونٌ أَيْضاً بِمَدَى عَلاقَةِ النَّاسِ بِخالِقِهِم عَزَّ وَجَلَّ، وَقائِمٌ عَلى أَداءِ المَطْلُوبِ مِنْهُم فِي سَبِيلِ ذَلِكَ، وَصَدَقَ اللهُ سُبْحانَهُ إِذْ يَقُولُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد:11].

وَهَذا التَّغْيِيرُ يَقُومُ عَلى عِدَّةِ عَوامِلٍ، وَلَعَلَّ مِنْ أَبْرَزِها:

أَوَّلاً /أَنْ نَتَيَقَّنَ أَنَّ النَّفْسَ البَشَرِيَّةَ هِيَ ساحَةُ التَّغْيِيرِ الأُولَى:

فَالإِنْسانُ مُطالَبٌ بِتَحْسِينِ عَلاقَتِهِ بِخالِقِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى، وَامْتِثالِ أَوامِرِهِ وَتَجَنُّبِ نَواهِيِهِ، وَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ أَنْ يَسْعَى كُلٌّ مِنَّا لِتَصْحِيحِ المَسارِ وَالعَوْدَةِ الصَّادِقَةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَرْسِيخِ مَفْهُومِ النَّقْدِ الذَّاتِي وُمَحاسَبَةِ النَّفْسِ قَبْلَ تَوْجِيهِ اللَّوْمِ وَالعِتابِ لِلْآخَرِينَ، وَالشَّاعِرُ يَقُولُ:

                 ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَها عَنْ غَيِّها       ***      فَإذا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ

ثانِياً/ الحَذَرَ مِنَ الذُّنُوبِ وَآثارِها الوَخِيمَةِ عَلى المُجْتَمَعاتِ:

فَالأَخْطاءُ المُتَبَعْثِرَةُ تُؤَثِّرُ بِمَجْمُوعِها عَلى الكُلِّ، لا سِيَّما أَنَّ أَخْطاءَ الفَرْدِ تُؤَخِّرُ النَّصْرَ، وَذُنُوبُ المُجْتَمَعاتِ تَجْلِبُ البَلاءَ وَالمَصائِبَ لَهُم، وَنَسْتَحْضِرُ هُنا قَوْلَ الحَقِّ سُبْحانَهُ وَتَعالى: ﴿ومَا أصَابكم مِنْ مُصيبةٍ فَبِمَا كَسبتْ أيديكم ويَعفُو عَن كَثير﴾ [الشورى:3]، فَالحَذارَ مِنَ الاسْتِهانَةِ بِالْذُّنُوبِ وتَحْقِيرِها وَإِنْ كانَتْ صَغِيرَةً فِي نَظَرِ البَعْضِ مِنَّا؛ فإنَّ الجِبالَ مِنَ الحَصى.

ثالِثاً/ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَمَ اليَأْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ:

فَالواقِعُ الصَّعْبُ قَدْ يَدْفَعُ البَعْضَ إلى اليَأْسِ وَالقُنُوطِ، لَكِنَّ العَبْدَ المُؤْمِنَ يَزِيدُهُ ذَلِكَ إِيمَاناً بِاللهِ، قالَ تَعالى: ﴿الذِيْنَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمُ إِيْمَانَاً وَقَاْلُوْا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ﴾ [آلِ عِمْران:173]، وَذَلِكَ يُوْجِبُ عَلى العِبادِ أَنْ يُحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى، وَالمُتَأَمِّلُ فِي الكِتابِ وَالسُّنَّةِ يَصِلُ إلى يَقِينٍ جازِمٍ بِأَنَّ النَّصْرَ وَالتَّمْكِينَ لِعِبادِ اللهِ الصَّادِقِينَ فِي نِهايَةِ المَطافِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَصَدَقَ اللهُ إِذْ يَقُولُ: ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ﴾ [الصافات:173]، فَاللهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ لِعِبادِهِ المُؤْمِنِينَ عاجِلاً أمْ آجِلاً.

رابِعاً/ تَحْقِيقَ وَحْدَةِ الصَّفِّ وَتَرْسِيخَ مَبْدَأِ التَّكَافُلِ وَالتَّعَاوُنِ:

فَالمُسْلِمُونَ فِي كَافَّةِ بِقاعِ الأَرْضِ تَرْبُطُهُم رابِطَةُ الإِسْلامِ، وَجَمِيعُهُم مَأْمُورُونَ بِوَحْدَةِ الصَّفِّ وَالاعْتِصامِ بِحَبْلِ اللهِ المَتِينِ، وَخاصَّةً فِي ظِلِّ الحالَةِ الصَّعْبَةِ التِي تَعِيشُها أُمَّةُ الإِسْلامِ، وَلا بُدَّ مِنْ تَكافُلٍ يَتَجاوَزُ دائِرَةَ الأَقْوالِ إلى الأَفْعالِ يُخَفِّفُ عَنِ الأُمَّةِ مُصابَها، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنَ الأَهَمِيَّةِ بِمَكانٍ أَنْ نُدْرِكَ ذَلِكَ الأَمْرَ، وَأَنْ نَسْعَى جَمِيعَاً لِلْتَّكافُلِ وَالتَّعَاضُدِ الحَقِيقِيِّ القائِـمِ عَلى المُبادَرَةِ وَالبَذْلِ وَالعَطاءِ وُصُولَاً لِمُجْتَمَعٍ مُتَماسِكٍ قادِرٍ عَلى الصُّمُودِ وَالثَّباتِ فِي وَجْهِ قُوَى الظُّلْمِ وَالطُّغْيانِ.

خامِساً/ إِعْدادَ العُدَّةِ اللَّازِمَةِ لِنُصْرَةِ الدِّينِ وَأَهْلِهِ:

فَلا يُعْقَلُ أَنْ تَنْتَصِرَ الأُمَّةُ وَيَحْدُثَ تَغْيِيرٌ فِي واقِعِها المَرِيرِ دُونَ أَنْ تَمْتَلِكَ قُوَّةً تَحْمِيها مِنْ مَطامِعِ أَعْدائِها، وَتَقِفُ سَدَّاً مَنِيعَاً فِي وَجْهِ كُلِّ المُتَآمِرِينَ الذِينَ لا هَمَّ لَهُم سِوَى الانْقِضَاضِ عَلى المُسْلِمِينَ، وَلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اسْتِخْدَامُ هَذِهِ القُوَّةِ لِإِعْلاءِ رَايَةِ الحَقِّ وَمُحَارَبَةِ البَاطِلِ، وَلَيْسَ اسْتِخْدَامُها فِي مُحارَبَةِ مَنْ يُدَافِعُونَ بِشَرَفٍ عَنْ كَرَامَةِ الإسلام وعِزَّةِ أَهْلِهِ.

وَيَبْقَى أَنْ نَتَذَكَّرَ جَمِيعَاً بِأَنَّ الْتِزَامَنا بِتِلْكَ العَوامِلِ يَجْعَلُنا أَقْرَبَ إِلى الفَرَجِ القَرِيبِ بِإِذْنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَيَسْأَلُونَكَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً.

مقالات مشابهة

كَيْفَ نَنْجَحُ فِي تَغْيِيرِ واقِعِنا؟

منذ 0 ثانية

أ. راني أحمد العدلوني - خَطيبٌ بِوَزارةِ الأَوْقاف

آدابُ الزيارةِ والزياراتِ المفاجئةِ في الإسلامِ

منذ 1دقيقة

د. عبد الباري خِلّة - خطيب بوَزارة الأوقاف

ما حكم الأكل والنوم في المسجد؟

منذ 1دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

الكَرَّارُونَ

منذ 4 دقيقة

أ. محمد شفيق السرحي - خطيب بوَزارة الأوقاف

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

كَيْفَ نَنْجَحُ فِي تَغْيِيرِ واقِعِنا؟

منذ 0 ثانية2962
نسيان التشهد الأوسط في حق الإمام والمأموم المنفرد

منذ 55 ثانية23470
آدابُ الزيارةِ والزياراتِ المفاجئةِ في الإسلامِ

منذ 1دقيقة7558
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi