شريط الأخبار

آدابُ الزيارةِ والزياراتِ المفاجئةِ في الإسلامِ

د. عبد الباري خِلّة - خطيب بوَزارة الأوقاف منذ 0 ثانية 7322

يقول اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [النور:27،28].

وزيارةُ المسلِمِ لأخيه المسلمِ مَنْ الواجِباتِ، فعَنْ النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [رواه مسلم].

وعلى المُسلِمِ أنْ يتأدّبَ بالآدابِ الشرعيةِ، ويلتزمَ بالحقوقِ والواجباتِ نحو الآخرينَ، ومن هذه الآدابِ: آدابُ الزيارةِ، ولعلِّي أَذكُرُ أهمَّ هذه الآدابِ:

1. استحضارَ النيةِ عندَ الزيارةِ:

فعلى الزائرِ أن يقصِدَ بزيارتِه وجْهَ اللهِ تعالى، ولْيَحْذَرْ الرياءَ والسُّمْعةَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» [رواه مسلم].

2. عدم الإكثارِ مِنْ الزيارةِ:

فعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا أَبَا ذَرٍّ، زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا» [رواه الطَّبَرانِيُّ بِسَنَدٍ صَحيحٍ]، يعني زُرْ أحياناً واقْطَعْ أحياناً أُخْرى.

3. تجنُّبَ الأوقاتِ المَنْهيِّ عَنْها في الزيارةِ وضرورةَ الاستئذانِ ومُراعاةِ الأوقاتِ المناسِبةِ:

فعلى الزائرِ أن يتحَيَّنَ الأوقاتَ المناسبةَ، قال اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النور:58]، هذه هي السياسةُ العامّةُ في الإسلامِ وهي وُجوبُ الاستئذانِ وعدمُ التنْغيصِ على ربِّ البيتِ، فإن اضْطُّرَ المسلمُ إلى الزيارةِ المفاجِئةِ فلْيزُرْ مَعَ كَمَالِ الأدبِ وحُسْنِ الأخلاقِ، فليبدأْ بطَرْقِ البابِ بِتَؤُدَةٍ وردِّ السلامِ بأدبٍ واحترامٍ، ثُمَّ الاعتذارِ مِنْ صاحبِ البيتِ لهذه الزيارةِ المفاجِئة، وَلْيَقْضِ حاجتَه ولْينصرِفْ مِنْ غيرِ أنْ يُثْقِلَ على أهلِ البيتِ، وعلى أهلِ البيتِ أن يستقْبلوه ويقبلوا عُذْرَه ولا يَكُنْ في صُدُورِهم حاجةٌ غيرُ الحُبِّ والتقْديرِ.

4. أنْ يَغُضَّ الزائرُ بصرَه عَنْ المَحارِمِ.

5. أنْ يَجْلِسَ الزائِرُ بإِذْنٍ مِنْ صاحبِ البيتِ.

6. ألّا يَتجسّسَ أو يَتلصّصَ على المَزُوْرِ.

7. لا ينصَرِفُ الزائرُ إلّا بعدَ الاستئْذانِ مَرَّةً أُخْرَى:

فكما دخَل البيتَ أوّلاً باستئذانٍ، فإِنّهُ لا يَخْرُجُ إلّا باستئذانٍ؛ مُحافَظةً على مَحارِمِ البيتِ، فعَن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إذا زار أحدُكم أخاه فجلس عندَه، فلا يقومَنَّ حتى يستأذنَه، وإذا انتهى أحدُكم إلى المجلِسِ فلْيُسَلِّمْ، فإذا أرادَ أنْ يقومَ فليُسلِّم، فليست الأُوْلى بأحقَّ مِنْ الآخِرَةِ».

8. الخُروجَ مَعَ الزائرِ حتّى بابِ الدَّارِ:

فمِنَ الأدبِ أنْ يَخرجَ ربُّ البيتِ مَعَ الزَّائرِ، وأنْ يُشَيِّعَه حتى بابِ الدارِ، فقد زار أبو عُبَيْدٍ القاسمُ بنُ سَلامٍ أحمدَ بنَ حنْبلٍ، قال أبو عُبَيْدٍ: فلمّا أردْتُ القِيامَ قام معي، قُلتُ: لا تفعلْ يا أبا عبدِ اللهِ، فقال الشَّعْبِيُّ: "مِنْ تَمامِ زيارةِ الزائرِ أنْ تمْشيَ مَعَهُ إلى بابِ الدارِ وتأخُذَ برِكَابِه".

وهكذا ينبغي على كُلِّ زائرٍ أنْ يتأدّبَ بتلك الآدابِ وأنْ يُراعيَ حَقَّ اللهِ وحقَّ الناسِ، وآخِرُ دعْوانا أنِ الحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمينَ.

مقالات مشابهة

آدابُ الزيارةِ والزياراتِ المفاجئةِ في الإسلامِ

منذ 0 ثانية

د. عبد الباري خِلّة - خطيب بوَزارة الأوقاف

ما هِيَ مَسْئُوْلِيَّتُكَ الأُوْلى؟

منذ 40 ثانية

أ. نور رياض عيد - خطيبٌ بوَزارةِ الأوْقاف

مَحبَّةُ الرَّسولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

منذ 2 دقيقة

د. عبد الباري محمد خِلّة - خطيب بوَزارة الأوقاف

جَنَّةُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

منذ 2 دقيقة

أ. نصر فحجان - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

آدابُ الزيارةِ والزياراتِ المفاجئةِ في الإسلامِ

منذ 0 ثانية7322
حول الخطاب المسجدي يوم الجمعة (ملامح إصلاحية)

منذ 23 ثانية3263
ما هِيَ مَسْئُوْلِيَّتُكَ الأُوْلى؟

منذ 40 ثانية2773
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi