شريط الأخبار

الهَزِيمَةُ النَّفْسِيَّةُ.. أَسْبَابٌ وَحُلُولٌ

أ. محمد ناصر الثوابتة - خطيب بوَزارة الأوقاف منذ 1ثانية 2872

تُوَاجِهُ الأُمَّةُ الإِسْلَامِيَّةُ عَلَى الصَّعِيدِ العَامِّ، وَشَعْبُنا الفِلَسْطِينِيُّ عَلَى الصَّعِيدِ الخَاصِّ حَمْلَاتٍ نَفْسِيَّةً مُتَعَدِّدَةً عَلَى كَافَّةِ المُسْتَوَيَاتِ الفَرْدِيَّةِ وَالجَمَاعِيَّةِ، الدِّينِيَّةِ وَالفِكْرِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَالاقْتِصَادِيَّةِ وَالعَسْكَرِيَّةِ تَسْتَهْدِفُ التَّأْثِيرَ عَلَى إِرَادَةِ المُقَاوَمَةِ، وَالعَيْشَ تَحْتَ ضَغْطٍ نَفْسِيٍّ، لِيَنْتُجَ عَنْ ذَلِكَ الدُّخُولُ فِي دَائِرَةِ الانْحِرَافِ والتَّنَازُلَاتِ.

تُعَدُّ (الهَزِيمَةُ النَّفْسِيَّةُ) مِنْ أَخْطَرِ الأَسْلِحَةِ المَعْنَوِيَّةِ فِي المُوَاجَهَةِ بَيْنَ أَنْصَارِ الحَقِّ وَالمُصَفِّقِينَ لِلْبَاطِلِ، وَلِذَلِكَ سَأُبَيِّنُ أَبْرَزَ المَظَاهِرِ التِي نَشَبَتْ بَيْنَ فِئَاتِ المُجْتَمَعِ، وَأَدَّتْ إِلَى هَذَا المَرَضِ العُضَالِ ثُمَّ أُبَيِّنُ دَوَاءَ هَذَا المَرَضِ، وَمِنْ أَبْرَزِ مَظَاهِرِ الهَزِيمَةِ النَّفْسِيَّةِ:

1- عَدَمُ الوُضُوحِ فِي المَوَاقِفِ وَالرُّؤَى، فَتَجِدُ حَالَةً مِنَ الاضْطِرَابِ وَالتَّنَاقُضِ وَعَدَمِ الثَّبَاتِ فِي الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ وَالأَفْكَارِ، فَتَرَى الفَرْدَ أَوِ الجَمَاعَةَ فِي آنٍ وَاحِدٍ يُبْرِمُ وَيَنْقُضُ فِي أَكْثَرِ شُؤُونِهِ.

2- الذِّلَّةُ وَإِعْطَاءُ الدَّنِيَّةِ حَيْثُ الرِّضَى بِالْوَاقِعِ المَهِينِ، وَالاسْتِجَابَةُ لِمَا يَطْلُبُهُ الأَعْدَاءُ، وَالانْكِبَابُ فِي البَحْثِ عَنِ الدُّنْيا وَمَتَاعِهَا الزَّائِلِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنَ»، قَالُوا: وَمَا الوَهَنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيا وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ» [رواه أبو داود].

3- الاسْتِسْلَامُ بَعْدَ سَيْطَرَةِ اليَأْسِ وَالقُنُوطِ، فَفِي مُوَاجَهَةِ الأَعْدَاءِ سَيْطَرَ اليَأْسُ مِنْ تَحْقِيقِ النَّصْرِ، وَشَاعَتِ العِبَارَاتُ الانْهِزَامِيَّةُ التِي تَدْعُو إِلَى الرِّضَا بِالْوَاقِعِ، فَأَصْبَحْتَ عِنْدَ الحَدِيثِ عَنْ تَغْيِيرِ الوَاقِعِ الإِسْلَامِيِّ تَسْمَعُ البَعْضَ يَقُولُونَ: (أَنْتَ تَنْفُخُ فِي قِرْبَةٍ مَخْرُوقَةٍ)، وَعِنْدَما تَنْظُرُ فِي إِحْدَى الفَتَاوَى المُعَاصِرَةِ تَجِدُ تَبْرِيراً لِلْوَاقِعِ الإِسْلَامِيِّ، لَا لِتَغْيِيرِهِ.

4- فُقْدَانُ الهُوِيَّةِ الإِسْلَامِيَّةِ، وَتَبْرُزُ هَذِهِ الظَّاهِرَةُ الانْهِزَامِيَّةُ عِنْدَ الكَثِيرِ فِي ابْتِعَادِهِمْ عَنْ كُلِّ مَا فِيهِ إِبْرَازُ هُوِيَّتِهِمُ الإِسْلَامِيَّةِ، سَوَاءٌ فِي الكَلَامِ أَوِ المَأْكَلِ أَوِ المَشْرَبِ أَوِ المَلْبَسِ أَوْ فِي العَادَاتِ أَوْ فِي التَّحَاكُمِ بَيْنَ المُتَنَازِعِينَ وَالمُتَخَاصِمِينَ.

5- التَّفَاعُلُ مَعَ شُبُهَاتِ الأَعْدَاءِ، وَلِلْأَسَفِ انْسَاقَ البَعْضُ مَعَ شُبُهَاتِ الأَعْدَاءِ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرُونَ، فَصَوَّرُوا الإِسْلَامَ عَلَى أَنَّهُ مُتَّهَمٌ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُدَافِعُ عَنْهُ، وَمِثَالُ ذَلِكَ: الدِّفَاعُ عَنْ شُبْهَةِ انْتِشَارِ الإِسْلَامِ بِالْسَّيْفِ عَنْ طَرِيقِ القَوْلِ بِأَنَّ الجِهَادَ لِلْدِّفَاعِ، وَأَنَّ الإِسْلَامَ دِينُ المَحَبَّةِ وَالسَّلَامِ.

هَذِهِ أَبْرَزُ مَظَاهِرِ الهَزِيمَةِ النَّفْسِيَّةِ، وَالنَّاظِرُ لَهَا يَجِدُ أَنَّها تُشَكِّلُ انْهِيَاراً نَفْسِيَّاً عَامَّاً تُعَانِي مِنْهُ أُمَّتُنا الإِسْلَامِيَّةُ، وَلِذَلِكَ عَمِلَ الإِسْلَامُ عَلَى تَهْيِئَةِ النَّفْسِ المُسْلِمَةِ لِمُوَاجَهَةِ مَا قَدْ يَعْتَرِيهَا فِي طَرِيقِ الصِّرَاعِ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَمِنَ الوَسَائِلِ التِي تُعِينُ عَلَى ذَلِكَ:

1- الاسْتِعْلَاءُ بِالإِيمَانِ، فَالمُؤْمِنُ هُوَ الأَعْلَى مَصْدَراً بَيْنَ كَائِنَاتِ الأَرْضِ كُلِّها، فَقَدْ قَالَ تَعَالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ]المُنَافِقُونَ:8[، وَالإِسْلَامُ يَأْبَى عَلَى أَتْبَاعِهِ عِيشَةَ الذُّلِّ، فَقَدْ قَالَ تَعَالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ ]المَائِدَة:54[.

2- إِعْدَادُ القُوَّةِ وَالاسْتِعْدَادُ المُتَوَاصِلُ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ الإِعْدَادَ المَعْنَوِيَّ وَالمَادِّيَّ، قَالَ تَعَالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ ]الأَنْفَال:60[، فَالاسْتِعْدَادُ لَا يَعْنِي جَلْبَ السِّلَاحِ وَتَكْدِيسَهُ، بَلْ هُوَ أَشْمَلُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ، فَإِعْدَادُ المُجَاهِدِ المُؤْمِنِ المُحَافِظِ عَلَى عَقِيدَتِهِ هُوَ مَدَارُ هَذِهِ القُوَّةِ.

3- عَدَمُ القُنُوطِ أَوِ اليَأْسِ، فَقَدْ عَالَجَ الإِسْلَامُ هَذِهِ الظَّاهِرَةَ بِالْتَّحْذِيرِ مِنْ قَطْعِ الأَمَلِ وَالرَّجَاءِ بِاللهِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ ]يُوسُف:87[.

4- الثِّقَةُ بِاللهِ، فَالمُؤْمِنُ عَلَى ثِقَةٍ بِاللهِ أَنَّهُ سَيَجْعَلُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِنْ كُلِّ عُسْرٍ يُسْراً، قَالَ تَعَالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ ]الطَّلَاق:3-2[.

مقالات مشابهة

الهَزِيمَةُ النَّفْسِيَّةُ.. أَسْبَابٌ وَحُلُولٌ

منذ 1ثانية

أ. محمد ناصر الثوابتة - خطيب بوَزارة الأوقاف

إِلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ!

منذ 29 ثانية

أ. محمود موسى بربخ - خطيب بوَزارة الأوقاف

المسجد الإلكتروني .. آفاق دعوية متجددة

منذ 5 دقيقة

أ. أمل خيري - داعية مصرية

لِمَاذَا نَدْعُو اللهَ وَلَا يَسْتَجِيبُ لَنَا؟

منذ 7 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

الهَزِيمَةُ النَّفْسِيَّةُ.. أَسْبَابٌ وَحُلُولٌ

منذ 1ثانية2872
إِلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ!

منذ 29 ثانية3995
مسجد الجمعية الإسلامية - النصيرات

منذ 2 دقيقة4311
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi