شريط الأخبار

خصائص الفكر الإسلامي

د. يوسف علي فرحات منذ 0 ثانية 8101

يمتاز الفكر الإسلامي بكثير من الخصائص والصفات النوعية الواضحة التي تُميزه عن كثير عن غيره من الأفكار والنظريات، وتمنحه الحيوية والقدرة على الحركة والعطاء والنمو، ومن هذه الخصائص:

أولاً: الربانية:

ونعني بها: الانتساب إلى الرب: أي الله -سبحانه وتعالى-، ويطلق على الإنسان أنه: "رباني" إذا كان وثيق الصلة بالله، عالماً بدينه وكتابه، وفي القرآن الكريم: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران:79].

والمراد من الربانية هنا أمران:

 أولاً: ربانية الغاية والوجهة:

نعني بها: أن الإسلام يجعل غايته الأخيرة وهدفه البعيد هو حسن الصلة بالله تبارك وتعالى وابتغاء مرضاته، ومما لا شك فيه أن هذا له فوائد وآثار جمة منها: أن يعرف الإنسان لوجوده غاية، ويعرف لحياته رسالة، وأن يهتدي الإنسان إلى فطرته التي فطره الله عليها والتي تَطلبُ الإيمانَ بالله تعالى، ولا يُعوضها شيء غيره، وكذلك من هذه الثمار: سلامة النفس البشرية من التمزق والصراع الداخلي، فلا يُريحُ النفس البشرية شيء كما يُريحها وحدة غايتها ووجهتها في الحياة، ومن ذلك أيضاً: التحرر من العبودية للأنانية والشهوات، ومن الخضوع والاستسلام لمطالبه المادية والرغبات الشخصية.

ثانياً: ربانية المصدر والمنهج:

نعني بها أن المنهج الذي رسمه الإسلام للوصول إلى غاياته وأهدافه منهج رباني خالص، لأن مصدره وحي الله تعالى إلى خاتم رسله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

ثانياً: إنساني النزعة:

فهو يمتاز بنزعته الإنسانية الواضحة الثابتة الأصيلة في معتقداته وعباداته وتوجيهاته، إنه دين الإنسان، فهو ليس فكراً عنصرياً ولا إقليمياً ولا طائفياً، فهو لا يخدمُ عِرقاً بعينه ولا فئة معينة، لذا وجدنا كلمة "الإنسان" تكررت في القرآن (63) ثلاثاً وستين مرة وكلمة "الناس" تكررت (240) مئتين وأربعين مرة.

هذه النزعة الإنسانية الأصيلة في الإسلام هي أساس هام لمبدأ الإخاء البشري، ومبدأ المساواة الإنسانية العام الذي دعا إليه الإسلام، وهي أساس هام كذلك لمبدأ الحرية الذي قرره الإسلام.

ثالثاً: الشمول:

ولقد عبر الشهيد (حسن البنا) عن أبعاد هذا الشمول في رسالة الإسلام فقال وأجاد: "إنها الرسالة التي امتدت طولاً حتى شملت آباد الزمن، وامتدت عرضاً حتى انتظمت آفاق الأمم، وامتدت عمقاً حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة".

فالفكر الإسلامي ليس موقوتاً بعصر معين أو زمن مخصوص ينتهي أثره بانتهائه، كما أنه ليس محدوداً بمكان ولا بأمة ولا بشعب ولا بطبقة إنه يمتاز بالشمول، يخاطب كل الأمم وكل الأجناس وكل الشعوب وكل الطبقات، كذلك نجد هذا الشمول يتجلى في العقيدة والتصور، ويتجلى في العبادات والتقرب، ويتجلى في الأخلاق والفضائل، ويتجلى في التشريع والتنظيم؛ ولعل السبب الأساسي لسعة الفكر الإسلامي وشموله، هو سعة وشمول المصادر التي يعتمدها هذا الفكر.

رابعاً: الوسطية والتوازن:

وهي من أبرز خصائص الفكر الإسلامي، ويعبر عنها أيضاً بـ"التوازن"، ونعني بالوسطية: التوسط أو التعادل بين طرفين بحيث يأخذ كل طرف حقه ولا يطغى على الطرف الآخر، والوسطية والتوازن واضحة جلية في الفكر الإسلامي حيث تتجلى في كثير من مفردات هذا الفكر منها: التوازن بين العقل والوحي، وبين العلم والإيمان، وبين المادة والروح، وبين الحقوق والواجبات، وبين الفردية والجماعية، وبين النص والاجتهاد، وبين المثالية والواقعية، وبين الحاضر والمستقبل، وبين الدنيا والآخرة وبين الثبات والمرونة.

خامساً: الجمع بين الثبات والمرونة:

ومن الخصائص التي يتميز بها الفكر الإسلامي والتي لا توجد في شريعة سماوية ولا وضعية: "التوازن بين الثبات والتطور" أو "الثبات والمرونة"، والثبات يدل على الخلود، والمرونة تدل على التطور وهذا من روائع الإعجاز في هذا الدين وآية من آيات عمومه وخلوده وصلاحيته لكل زمان ومكان، ويتجلى هذا الثبات في المصادر الأصلية القطعية للتشريع المتمثلة بالكتاب والسنة وتتجلى المرونة في "المصادر الاجتهادية" التي اختلف فقهاء الأمة في مدى الاحتجاج بها ما بين موسع ومضيق مثل: الإجماع والقياس والامتحان والمصالح المرسلة وأقوال الصحابة وشرع من قبلنا.

كما نجد الثبات يتمثل في العقائد الأساسية والأركان العملية الخمسة والمحرمات اليقينية وأمهات الفضائل وفي شرائع الإسلام القطعية، كما تتجلى المرونة في الوسائل والأساليب وفي الفروع والجزئيات والشئون الدنيوية والعلمية، وإذا كان بالمثال يتضح المقال، فلا بأس أن نذكر هنا مثال لتوضيح ما قلناه: يتمثل الثبات في مثل قوله تعالى في وصف مجتمع المؤمنين: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [لشورى:38]، فلا يجوز لحاكم ولا لمجتمع أن يلغي الشورى؛ لأنه من الثوابت الإسلامية، وتتمثل المرونة في عدم تحديد شكل معين للشورى إنما يُتركُ للناس وزمانهم ومكانهم.

سادساً: يحترم العقل ويُقدره:

فقد أعطى الفكر الإسلامي العقل دوراً بارزاً ومهمة أساسية؛ فللعقل حق الفهم والاستنباط واكتشاف المعارف والمفاهيم والنظريات من القرآن والسنة وإسنادها إلى الله تعالى، وكان من احترام هذا الفكر للعقل أن كانت معجزته عقلية وليست معجزة حسية، فالمعجزة القرآنية تقوم على البيان والمعاني والتشريع والنظر والتدبر والتفكر، وأن حظ العقل في هذا الفكر أوفر من حظه في أي مذهب عقلي خالص.

سابعاً: الواقعية:

حيث جاء الفكر الإسلامي؛ لكي يعالج واقع الإنسان كفرد وواقعه كمجتمع، أي أنه فكر بعيد عن الخيال أو الوهم، فقد عالج مشاكل الإنسان واحتياجاته وترتيب علاقاته وتنظيم قوانينه العامة، والخاصة فهو لم يكن فكراً مثالياً نظرياً وإنما كان مثالياً منسجماً مع العمل والتطبيق، فعلى سبيل المثال لم يهمل الفكر الإسلامي العادات والتقاليد، ولم يغفل عن الأعراف العامة الصحيحة، ولا عن العلاقات والمعاملات بين الأفراد، وعن كل ما يُسهم في وحدة المجتمع وإحكام تماسكه وهذا يعني أن الفكر الإسلامي لا يغفل الإنسان، وتفاوت الناس في مدى استعدادهم لبلوغ المستوى الرفيع الذي يرسمه لهم.

ثامناً: الوضوح:

فهو فكر واضح جلي بعيد عن الغموض والتعقيد والضبابية، فهو ينسجم مع فهم الإنسان وقدراته العقلية، فالفكر الإسلامي واضح في كل مفرداته سواء ما يتعلق بالأصول والقواعد أم بالمصادر والمنابع، أم بالأهداف والغايات، أم بالمناهج والوسائل.

تاسعاً: يُقدر الخبرة الإنسانية والتجارب البشرية:

بحيث لا يضع الحواجز والسدود بينه وبين خبرات الأمم السابقة، بل إنه فكر منفتح يتعامل مع الجميع ويستفيد من خبرات الآخرين، على اعتبار أن التراث الإنساني ملك للجميع وهذا دليل على أن هذا الفكر لا يَغمِط الناس حقهم ولا يُنكرُ فضل أهل الفضل.

مقالات مشابهة

خصائص الفكر الإسلامي

منذ 0 ثانية

د. يوسف علي فرحات

الصيام تربية لروح الإرادة والمقاومة في الأمة

منذ 6 دقيقة

د. يوسف علي فرحات – داعية إسلامي

وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ

منذ 10 دقيقة

د. يوسف علي فرحات – داعية إسلامي

أدب الاختلاف

منذ 17 دقيقة

د. يوسف علي فرحات – داعية إسلامي

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

خصائص الفكر الإسلامي

منذ 0 ثانية8101
مسجد الدار قطني - حي الشجاعية

منذ 50 ثانية4230
المعرض الدعوي المسجدي بعنوان: (جراحات أمتنا)

منذ 1دقيقة3166
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi