شريط الأخبار

يوم تُبْلى السرائرُ

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين منذ 0 ثانية 3282

عنوان هذه المقالة آية عظيمة من كتاب الله -عز وجل- يذكِّر الله سبحانه عباده فيها بشأن القلوب وأعمالها وسرائرها مما لا يعلمه الناس وهو بها عالم، كما ينبه الله -عز وجل- من خلال هذه الآية إلى أن هذه السرائر ستبلى وتُختبر يوم القيامة، ويظهر ما فيها من الإخلاص والمحبة والصدق أو ما يضادها من النفاق والكذب والرياء، وهذا واضح من الآية وما قبلها وبعدها؛ حيث يقول الله -عز وجل-: ﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ [الطارق:8-10].

 والقلب هو محط نظر الله -عز وجل- وعليه يدور القبول والرد، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ» [رواه مسلم]، والسريرة إذا صلحت صلح شأن العبد كله وصلحت أعماله الظاهرة ولو كانت قليلة، والعكس من ذلك عندما تفسد السريرة فإنه يفسد بفسادها أقوال العبد وأعماله وتكون أقرب إلى النفاق والرياء عياذاً بالله تعالى، ويوضح هذا الأمر قوله -صلى الله عليه وسلم-: «أَلا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلَّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ» [ رواه البخاري].

ويشرح هذا ما نقله صاحب الحلية -رحمه الله تعالى- عن وهب من قوله: "ولا تظنن أن العلانية هي أنجح من السريرة؛ فإن مثل العلانية مع السريرة كمثل ورق الشجر مع عرقها العلانية ورقها والسريرة عِرقها، إن نُخِرَ العرق هلكت الشجرة كلها ورقها وعودها، وإن صلح صلحت الشجرة كلها: ثمرها، وورقها؛ فلا يزال ما ظهر من الشجرة في خير ما كان عرقها مستخفياً لا يُرى منه شيء؛ كذلك الدين لا يزال صالحاً ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانيته؛ فإن العلانية تنفع مع السريرة الصالحة كما ينفع عِرق الشجرة صلاح فرعها، وإن كان حياتها من قِبَلِ عرقها فإن فرعها زينتها وجمالها، وإن كانت السريرة هي ملاك الدين فإن العلانية معها تزين الدين وتجمِّله إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه عز وجل" [حلية الأولياء 4/70].

ويقول الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ، "وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة، وهو أن الأعمال نتائج السرائر الباطنة؛ فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحاً، فتبدو سريرته على وجهه نوراً وإشراقاً وحياءاً، ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعاً لسريرته، لا اعتبار بصورته، فتبدو سريرته على وجهه سواداً وظلمة وشيناً، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته فيوم القيامة تبدو عليه سريرته، ويكون الحكم والظهور لها" [بدائع التفسير 5/185].

والسرائر جمع سريرة، وهي سرائر الله التي بينه وبين عبده في ظاهره وباطنه لله؛ فالإيمان من السرائر، وشرائعه من السرائر، فتختبر ذلك اليوم، حتى يظهر خيرها من شرها، ومؤديها من مضيعها، وما كان لله مما لم يكن له، قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "يبدي الله يوم القيامة كل سر فيكون زيناً في الوجوه، وشيناً فيها"؛ والمعنى: تختبر السرائر بإظهارها، وإظهار مقتضياتها من الثواب والعقاب، والحمد والذم [بدائع التفسير 5/185].

مما سبق يتبين لنا عِظَمُ شأن القلب وخطورة السريرة؛ حيث إنها محط نظر الله عز وجل وعليها مدار القبول عنده سبحانه وحسب صلاحها وفسادها يكون حسن الخاتمة وسوؤها، وكلما صلحت السريرة تمت الأعمال الصالحة وزكت ولو كانت قليلة، والعكس من ذلك في قلة بركة الأعمال حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها، وهذا هو الذي يفسر لنا تفوُّق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على غيرهم ممن جاء بعدهم ممن قد يكون أكثر من بعض الصحابة عبادة وقربات؛ حيث إن أساس التفاضل بين العباد عند الله -عز وجل- هو ما وقر في القلب من سريرة صالحة مطابقة لما ظهر في العلانية من أعمال وأقوال.

مقالات مشابهة

يوم تُبْلى السرائرُ

منذ 0 ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

شعارات جوفاء

منذ 5 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

ثقافة الوفاق

منذ 6 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

أوقات مهدرة .. واجبات ضائعة

منذ 18 دقيقة

أ. محمد عبدو - باحث شرعي

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

يوم تُبْلى السرائرُ

منذ 0 ثانية3282
تصور لإقامة دورة متقدمة لتأهيل الدعاة والداعيات إلى الله

منذ 27 ثانية3949
ما قبل الصعود للمنبر

منذ 1دقيقة3578
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi