شريط الأخبار

مِنْ فَضَائِلِ شَهْرِ شَعْبَانَ

د. محمد كمال سالم - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ منذ 0 ثانية 2751

شَهْرُ شَعْبَانَ هُوَ الشَّهْرُ الثَّامِنُ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ الهِجْرِيَّةِ، وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهِ هُوَ أَنَّ العَرَبَ كَانُوا يَتَشَعَّبُونَ فِيهِ لِلْبَحْثِ عَنِ المَاءِ، وَقِيلَ: لِتَشَعُّبِهِمْ فِي الغَارَاتِ، وَهُوَ مِنَ الشُّهُورِ المُهِمَّةِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ، فَهُوَ الذِي يَسْبِقُ شَهْرَ رَمَضَانَ المُبَارَكَ، وَفِيهِ يَتِمُّ التَّمْهِيدُ لِلْصِّيَامِ وَالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَلَهُ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ.

فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْثِرُ الصِّيَامَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَهْرٍ آخَرَ، فَعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: »كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ« [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: »كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا« [رَوَاهُ البُخَارِيُّ].

قَالَ النَّوَوِيُّ: "وَقَوْلُهَا »كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ« أَيْ كَانَ يَصُومُهُ إِلَّا قَلِيلًا، الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِ، وَبَيَانٌ أَنَّ قَوْلَهَا كُلَّهَ، أَيْ: غَالِبَهُ، وَقِيلَ: كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ فِي وَقْتٍ وَيَصُومُ بَعْضَهُ فِي سَنَةٍ أُخْرَى، وَقِيلَ: كَانَ يَصُومُ تَارَةً مِنْ أَوَّلِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ وَتَارَةً بَيْنَهُمَا وَمَا يُخَلِّي مِنْهُ شَيْئـًا بِلَا صِيَامٍ، لَكِنْ فِي سِنِينَ"، وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: "جَائِزٌ فِي كَلَامِ العَرَبِ إِذَا صَامَ أَحَدُهُمْ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يَقُولَ: صُمْتُ الشَّهْرَ كُلَّهُ".

وَمِنْ أَسْبَابِ صِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ شَعْبَانَ أَنَّ الأَعْمَالَ تُرْفَعُ فِيهِ إِلَى اللهِ تَعَالى، فَفِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُومُ الْأَيَّامَ، يَسْرُدُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ الْأَيَّامَ حَتَّى لَا يَكَادَ أَنْ يَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ، إِنْ كَانَ فِي صِيَامِهِ، وَإِلَّا صَامَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تَصُومُ لَا تَكَادُ أَنْ تُفْطِرَ، وَتُفْطِرَ حَتَّى لَا تَكَادَ أَنْ تَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلَا فِي صِيَامِكَ وَإِلَّا صُمْتَهُمَا قَالَ: «أَيُّ يَوْمَيْنِ؟»، قَالَ: قُلْتُ: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمُ الْخَمِيسِ، قَالَ: «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»، قَالَ: قُلْتُ: وَلَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [قَالَ الأَلْبَانِيُّ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ]، وَفِي الحَدِيثِ تَعْظِيمٌ لِشَهْرَيْ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ، وَنَظَراً لِأَنَّ شَهْرَ شَعْبَانَ يَكُونُ مُقَدِّمَةً لِشَهْرِ رَمَضَانَ؛ فَيَكُونُ الصِّيَامُ فِيهِ كَتَمْرِينٍ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ قَدِ اعْتَادَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ فِي صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ مَشَقَّةٌ وَتَعَبٌ وَكُلْفَةٌ عَلَى النَّاسِ، بَلْ يُقْبِلُونَ عَلَيْهِ بِكُلِّ هِمَّةٍ وَنَشَاطٍ.

وَشَعْبَانُ شَهْرُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، قَالَ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الحَضْرَمِيِّ: أَنَّ القَوْمَ كَانُوا إِذَا جَاءَ شَهْرُ شَعْبَانَ تَفَرَّغُوا لِقِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَتَدَبُّرِهِ، وَالعَمَلِ بِهِ حَتَّى سُمِّيَ بِشَهْرِ القُرَّاءِ.

وَشَعْبَانُ شَهْرُ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَالطَّاعَاتِ التِي تُقَرِّبُ العَبْدَ مِنْ رَبِّهِ تَعَالى، فَمَا الصِّيَامُ إِلَّا مِنْ ضِمْنِهَا، فَهُنَاكَ الكَثِيرُ مِنَ الأَعْمَالِ التِي يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ بِهَا العَبْدُ المُسْلِمُ، وَمِنْهَا: الصَّدَقَةُ، وَصَلَاةُ النَّوَافِلِ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ، وَالأَذْكَارُ، وَغَيْرُهَا.

وَفِيهِ لَيْلَةُ تَحْوِيلِ القِبْلَةِ، وَهِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَهِيَ لَيْلَةٌ عَظِيمَةٌ، لَهَا الكَثِيرُ مِنَ البَرَكَاتِ وَالخَيْرَاتِ وَالنَّفَحَاتِ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

مقالات مشابهة

مِنْ فَضَائِلِ شَهْرِ شَعْبَانَ

منذ 0 ثانية

د. محمد كمال سالم - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

ما مَوْقِفُ الإِسْلامِ مِنَ الحَرْبِ؟

منذ 28 ثانية

د. يوسف علي فرحات - خطيبٌ بوَزارةِ الأوْقاف

الفَجْرُ فَجْرَانِ... وَصَلَاتُنَا صَحِيحَةٌ

منذ 3 دقيقة

د. محمد كمال سالم - خَطِيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

الهِجْرَةُ النَّبَوِيَّةُ.. وَدُرُوسُ الوَلَاءِ وَالانْتِمَاءِ

منذ 3 دقيقة

أحمد علي أبو العمرين - خطيب بِوَزارةِ الأَوْقَافِ

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

مِنْ فَضَائِلِ شَهْرِ شَعْبَانَ

منذ 0 ثانية2751
ما مَوْقِفُ الإِسْلامِ مِنَ الحَرْبِ؟

منذ 28 ثانية2598
الأسبوع الدعوي: "الحج .. ورحلة القلوب إلى الله"

منذ 33 ثانية3633
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi