إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فإن البشرية لم تعهد كتاباً مؤثراً في حياتها كالقرآن الكريم، الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت:42]، حيث ترك القرآن الكريم أثره في تصورات الإنسان وفكره ومعتقده، وأزال حجب الريب والشك، وكان له الأثر الكبير في إسلام عدد كبير من المشركين، حيث إنه يؤثر في النفوس النقية فيجعلها تنساق طوعاً إلى الإسلام، ويؤثر في القلوب النقية فيجعلها ترق وتهتز وتتصدع من خشية الله ويؤثر في الأجسام فيجعلها تهدأ ويخف توترها العصبي .
قال تعالي : ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر:21]، قال القرطبي معلقاً على هذه الآية: "إنه حقيقي بأن تخشع له القلوب وترق له الأفئدة حيث إن من شأنه وعظمته وجودة ألفاظه، وقوة مبانيه وبلاغته واشتماله على المواعظ التي تلين لها القلوب، أنه لو أنزل على جبل من الجبال الكائنة في الأرض، لرأيته مع كونه في غاية القسوة، وشدة الصلابة، وضخامة الجرم، خاشعاً متصدعاً: أي متشققاً من خشية الله سبحانه، حذراً من عقابه وخوفاً من أن لا يؤدي ما يجب عليه من تعظيم كلام الله، وهذا تمثيل وتخييل يقتضي علو شأن القرآن وقوة تأثيره في القلوب".
وللأسف الشديد نجد كثيراً من الناس ومن الملتزمين مع كثرة الانشغال ينشغلون عن قراءة القرآن .
أخي الحبيب ينبغي عليك أن تحرص كل الحرص على تلاوة القرآن الكريم يوميا ولو جزء أو حزب أو ربع أو حتى صفحة أو بضع آيات وتدبر ما تقرأ، فلنجعل القرآن في حياتنا اليومية؛ لعلنا بذلك ننجو من شكوى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان:30].
والحمد لله رب العالمين.