شريط الأخبار

الإِرْشادُ الأُسَرِيُّ فِي الإِسْلامِ

أ. أحمد عليان عيد - خطيب بوَزارة الأوقاف منذ 0 ثانية 4987

لقد كانت ومازالت الأُسْرةُ المُسْلِمةُ هي اللَّبِنَةُ التي صنعتْها الإرادةُ الإلهيةُ، ورَسَمَتْ لها دَرْبَها، فَنَعِمَتْ بالسَّعادةِ والهَناءِ والطُّمَأْنينَةِ في الحياةِ الدنيا، حَيْثُ بيَّنَ لنا سُبْحانَه وتعالى في كِتابِه الكريمِ، وعلى لِسانِ نَبِيِّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَحْكامَ الشَّرْعِيَّةَ التي تُنَظِّمُ العَلاقاتِ بَيْنَ أَفْرادِ الأُسْرَةِ، والمَبادِئَ العامَّةَ التي تَقُومُ عَليْها، ولقد اهتَمَّ الإسلامُ بالأُسْرَةِ اهتماماً كبيراً وسمَّى اللهُ عَقْدَ الزَّواجِ مِيْثاقاً غَليظاً كمَا في قولِه تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21].

وإنَّ المُتَأَمِّلَ في الوَسائلِ الإصلاحِيَّةِ في المُجْتَمَعِ، يَجِدُ أنَّ الإرْشادَ الأُسَرِيَّ المُنْبَثِقَ مِنَ الشَّريعَةِ الإسْلامِيَّةِ إِحْدَى هذه الوسائلِ الإصلاحيةِ التي يَحْرِصُ عليها العَدِيدُ مِنَ النَّاسِ سَواءً كانَ مِنَ المُخْتَصِّينَ أَمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، كما أَنَّهُ عَمَلٌ اجْتِماعِيٌّ تَفاعُلِيٌّ يَتواصَلُ فِيْهِ الفَرْدُ مَعَ المُجْتَمَعِ بِشَكْلٍ إِيْجابِيٍّ مُثْمِرٍ، ويُمارِسُ فيه دَوْراً اجْتماعياً لَهُ أَهَمِّيَّتَهُ في نَفْسِه وعلى ذَاتِه ومُجْتَمَعِه الصَّغيرِ والكَبيرِ.

 لذلك قَدْ رَغَّبَ اللهُ -سُبْحانَه وتعالى- في الإصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ وذلك في آياتِ القُرْآنِ الكَريمِ حَيْثُ أَثْنى على مَنْ يَقومُ بذلك طَلَباً لِمَرْضاتِهِ، وَوَعْدِهِ بِالأَجْرِ العَظيمِ، فقالَ تعالى: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:114]، والجَديرُ بِالذِّكْرِ أَنَّ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ رَغَّبَتْ في إصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ، فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ» [رواه أبو داوود والترمذي وصحّحه الألبانيُّ].

وَلِلْعِلْمِ هُناكَ الكَثيرُ مِنْ نَماذِجِ الإِرْشادِ الأُسَرِيِّ التي جَسَّدَتْها الشَّريعَةُ الإِسْلامِيَّةُ، مِثْلُ قَوْلِهِ سُبْحانَه وتعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَاۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء:35]، وقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ» [رواه البخاري].

وإنَّ أَبْلَغَ الإِرْشادِ الأُسَرِيِّ المُنْبَثِقِ مِنَ الشَّريعَةِ الإسْلامِيَّةِ مَا كانَ مُرْتَبِطاً بِهِداياتِ القُرْآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ النبويّةِ الشريفةِ المُتَضَمِّنَةِ تَحْليلاتٍ دَقيقَةً لِدَخائلِ النُّفوسِ وَخَفاياها، وعِلاجاتٍ ناجِعةً لِأَدْوائِها وَأَمْراضِها، وَلِأَنَّ الشريعةَ الإسلاميةَ بِمَثابةِ الإطارِ المَرْجِعِيِّ المِعْيارِيِّ الذي يَلْجَأُ إليه الفَرْدُ في سَعْيِهِ لِكُلِّ ما قد يُواجِهُهُ مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الصِّراعِ، لذلك نَجِدُ أنَّ الإرْشادَ الأُسَرِيَّ المُنْبَثِقَ مِنَ الشريعةِ الإسْلاميةِ يَهْدِفُ إلى الآتي:

1. تَحْقيقِ سَعادةِ المُجْتَمَعِ وَالأُسْرَةِ المُسْلِمَةِ واستقرارِهما واستمرارِهما.

2. تَأْهيلِ الشَّبابِ وَالفَتَياتِ لِمَرْحَلةِ مَاْ قَبْلَ الزَّواجِ ومَاْ بَعْدَه .

3. تَوْعِيةِ المُقْبِلِينَ عَلى الزَّواجِ بِالحُقوقِ والواجِباتِ الأُسَرِيَّةِ .

4. نَشْرِ مَفاهيمِ الثَّقافةِ الأُسَرِيَّةِ الصَّحيحةِ في ضُوءِ تَعالِيمِ الشريعةِ الإسلاميةِ وأَحْكامِها.

5. تَحْقيقِ الأُلْفةِ والتَّقارُبِ بَيْنَ الأَزْواجِ وزِيادَةِ التَّرابُطِ العائلي .

6. تَهْيِئَةِ الجَوِّ الأُسَرِيِّ السَّليمِ لِيَنْشَأَ الأوْلادُ تَنْشِئةً اجْتماعِيَّةً صالِحةً .

7. بَحْثِ أَسْبابِ الخِلافاتِ والمُنازَعاتِ الزَّوْجِيَّةِ والعائلية، واقْتِراحِ الحُلولِ المُلائِمَةِ لَها.

8. التَّقْليلِ مِنْ نِسْبَةِ الطَّلاقِ عَنْ طَريقِ إصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ.

9. تَحْقيقِ الطَّلاقِ الآمِنِ الذي يَضْمَنُ لِكُلِّ فَرْدٍ حُقوقَه.

وَمِنْ هُنا يُمْكِنُ القَوْلُ: إِنَّه عَلى الرَّغْمِ مِنْ شُهودِ مَجالِ الإرْشادِ الزَّواجيِّ والأُسَرِيِّ في المُجْتَمَعِ الفِلَسْطِينِيِّ، إِلَّاْ أَنَّ المَأْخَذَ عَليْها أَحْياناً أَنَّهُ يَشُوبُ هذهِ الجُهودَ المُبارَكةَ عَدَمُ العُمْقِ في النَّظَرِ لِلظَّاهِرَةِ الإنْسانِيَّةِ وَتَعَقُّدُ العَلاقاتِ الاجْتِماعِيَّةِ عُموماً، والعَلاقاتِ الأُسَرِيَّةِ والزَّواجِيَّةِ خُصوصاً، فَضْلاً عَنِ الغُموضِ الذي يَكْتَنِفُ كَثيراً مِنَ النَّواحي النَّفْسِيَّةِ لَدى الإنْسانِ، لذلك أَقْتَرِحُ أَنْ يَكونَ هُناك رُؤْيةٌ على وُجودِ تَوَسُّعٍ كَبيرٍ في الأيّامِ القادِمةِ سواءً عَلى شَكْلِ بَرامِجَ تَدْريبِيَّةٍ، أو مَراكِزَ إرْشاديةٍ رِبْحِيَّةٍ أو غَيْرِ رِبْحِيَّةٍ، أو مَراكزَ إرْشاديةٍ أًهْلِيَّةٍ وخَيْرِيَّةٍ وخُطوطِ إرْشادٍ هاتِفِيٍّ مِنْ أَجْلِ الارْتِقاءِ بِالمُجْتَمَعِ الإِسْلامِيِّ لِلْأَفْضَلِ.

مقالات مشابهة

الإِرْشادُ الأُسَرِيُّ فِي الإِسْلامِ

منذ 0 ثانية

أ. أحمد عليان عيد - خطيب بوَزارة الأوقاف

لِمَاذَا نَدْعُو اللهَ وَلَا يَسْتَجِيبُ لَنَا؟

منذ 1دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

طريقنا نحو طفل قلبه معلق بالمسجد

منذ 3 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

إِذَا انْتَقَدْتَّ فَكُنْ نَفْسَكَ!

منذ 5 دقيقة

أ‌. محمد علي عوض - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

الإِرْشادُ الأُسَرِيُّ فِي الإِسْلامِ

منذ 0 ثانية4987
ثقة مهزوزة

منذ 8 ثانية2911
لِمَاذَا نَدْعُو اللهَ وَلَا يَسْتَجِيبُ لَنَا؟

منذ 1دقيقة17141
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi