شريط الأخبار

مَوْتُ الْفَجْأَةِ

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين منذ 0 ثانية 4737

الحَمْدُ للهِ المُتَفَرِّدِ بِالْعِزَّةِ وَالجَبَرُوتِ وَالبَقَاءِ، أَذَلَّ أَصْنَافَ الخَلْقِ بِمَا كَتَبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الفَنَاءِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ المَوْتَ مُخَلِّصًا لِلْأَتْقِيَاءِ وَسُوءَ مُنْقَلَبٍ لِلْأَشْقِيَاءِ، قال تعالى: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾ [المُنَافِقُون:11]، والْمَوْتُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ قَدْ يَسْبِقُهُ نُذُرٌ وَعَلَامَاتٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَرْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَأْتِي بَغْتَةً كَمَا هُوَ الحَالُ فِيمَا نَرَى مِنْ مَوْتِ الفَجْأَةِ.

وَمَوْتُ الْفَجْأَةِ يَزْدَادُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ حَتَّى أَضْحَى ظَاهِرَةً مَعْلُومَةً فِي قِطَاعِنَا الْحَبِيبِ، وَلَقَدْ دَلَّتِ الأَحَادِيثُ أَنَّهُ يَكْثُرُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى، وَقَدْ يَأْتِي بِسَكْتَةٍ قَلْبِيَّةٍ، أَوْ جَلْطَةٍ دِمَاغِيَّةٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ حَرْقٍ، أَوْ نَوْمٍ فَتَكُونُ النَّوْمَةُ الكُبْرَى، وَهَذَا المَوْتُ مُفْجِعٌ لِلْأَحْيَاءِ وَيَخَافُ مِنْهُ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ؛ لِقِلَّةِ الزَّادِ يَوْمَ المَعَادِ وَضَعْفِ الاسْتِعْدَادِ، وَلِذَلِكَ كَانَ لِزَامًا عَلَى العِبَادِ أَنْ يَتَرَقَّبُوا المَوْتَ فِي أَيِّ لَحْظَةٍ، يَقُولُ الشَّاعِرُ:

المَوْتُ بَابٌ وَكُلُّ النَّاسِ دَاخِلُهُ *** فَلَيْتَ شِعْرِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا الدَّارُ؟

الدَّارُ جَنَّاتُ خُلْدٍ إِنْ عَمِلْتَ بِمَا *** يُرْضِي الإِلَهَ، وَإِنْ خَالَفْتَ فَالنَّارُ

وَمَوْتُ الفَجْأَةِ يُزِيلُ الغَشَاوَةَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَنِسْيَانُ المَوْتِ هُوَ سَبَبُ الغَفْلَةِ وَاللَّهْوِ وَالانْغِمَاسِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا وَأَنَّ تَذَكُّرَ المَوْتِ هُوَ مِنْ أَسْبَابِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَلَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ» [رَوَاهُ النَّسَائِيُّ].

وَمَوْتُ الفَجْأَةِ لَا يُذَمُّ وَلَا يُمْدَحُ، فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ مَوْتِ الفَجْأَةِ، فَقَالَ: «رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَأَخْذَةُ أَسَفٍ لِلْفَاجِرِ» [رَوَاهُ أحمد]، فَمَنْ كَانَ مُسْتَعِدًّا لِلْمَوْتِ فِي كُلِّ حِينٍ فَمَوْتُ الفَجْأَةِ رَحْمَةٌ فِي حَقِّهِ وَتَخْفِيفٌ عَنْهُ، فَمَنِ اسْتَعَدَّ وَاسْتَقَامَ وَتَهَيَّأَ لِلْمَوْتِ وَاجْتَهَدَ فِي الخَيْرِ لَيْسَ كَمَنْ كَانَ مُتَثَاقِلاً عَنِ الطَّاعَاتِ، لَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرَائِضَ وَعِبَادَاتٍ، فَمَوْتُ الفَجْأَةِ نِقْمَةٌ وَعَذَابٌ فِي حَقِّهِ كَأَخْذَةِ غَضَبٍ كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ.

وَمَوْتُ الفَجْأَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ قَدَرِ اللهِ وَتَدْبِيرِهِ، وَالدُّعَاءُ يَرُدُّ القَضَاءَ، فَمِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَآءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» [صَحِيحُ مُسْلِمٍ] .

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُحَسِّنَ خَوَاتِيمَنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الاعْتِبَارَ مِنْ غَيْرِنَا، وَالاسْتِعْدَادَ لِمَا أَمَامَنَا، وَأَنْ يُجِيرَنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ.

مقالات مشابهة

مَوْتُ الْفَجْأَةِ

منذ 0 ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

وَاجِبُنَا فِي الشَّدَائِدِ

منذ 1دقيقة

د. محمد سليمان الفرا - خطيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

مَنْعُ المِيْرَاثِ مِنَ الكَبَائِرِ

منذ 2 دقيقة

د. محمد كمال سالم - خَطِيبٌ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ

كَيْفَ أَفْتَحُ لِنَفْسِي أَبْوَابَ الرِّزْقِ الوَاسِعَةَ؟

منذ 4 دقيقة

أ. سليم محسن الشرفا - خطيبٌ بِوَزارةِ الأَوْقَافِ

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

مَوْتُ الْفَجْأَةِ

منذ 0 ثانية4737
أهمية خطبة الجمعة

منذ 8 ثانية4474
مشروع عمرة النخبة لطلبة العلم الشرعي والعاملين في إدارة الأنشطة المسجدية

منذ 52 ثانية3683
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi