شريط الأخبار

كيف نضع خطة العام الدعوية؟

أ. أحمد صلاح- داعية إسلامي منذ 0 ثانية 8751

تواجه الكثير من الدعاة مشكلةُ وضع خطة محكمة للعمل الدعوي؛ خطة تتسم بالواقعية وقابلية التنفيذ والقدرة على دفع العمل للأمام بخطوات ملحوظة، والواقع يقول إن موضوع التخطيط هو موضوع قَلَّما يسأل عنه أحد، رغم أهميته البالغة في إدارة أي مجال، فما بالنا بمجال الدعوة إلى الله، المطالَبين فيه بالإحسان كما نحن مطالبون بالإحسان في عملنا الذي جعله الله سببًا في أرزاقنا واستمرارنا في الحياة.

ولأن موضوع التخطيط مهم لأي عمل كبير؛ لذا فإن تجاهله بين القائمين على الدعوة يكون أمرًا مؤسفًا حقًّا؛ فالتخطيط يحتاج إلى خبرة إدارية وفنية عالية، وإلمام كامل بكل تفاصيل العمل، وتقدير جيد للإمكانات المادية والبشرية الظروف المحيطة، سواءٌ الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية.

والتخطيط يحتاج إلى شخصية ذات فكر متميز، تستطيع أن تضع السياسات العامة للعمل، وتبلور الأفكار في برامج قابلة للتنفيذ، يتم إسقاطها في جداول تشغيل تنتظر كلمة البدء وإشارة التنفيذ.

وإذا كان العمل الدعوي عملاً مؤسسيًّا، فلا بد أن لا يتم التخطيط بصورة منعزلة عن باقي لجان المؤسسة، بل يجب أن يكون مرتبطًا ومتناسقًا مع أفكار من حوله، فيأخذ من المستوى الأعلى الخطوط العامة، وينسِّق مع من يعمل حوله في ميدان العمل لضمان التعاون وعدم التضارب، ثم يناقش المستوى الأدنى "من سيقومون بتنفيذ العمل" في وضع خطة العمل؛ حتى يتأكد من إمكانية التنفيذ على أرض الواقع.

نضرب مثالاً: إذا أردنا أن نضع خطةً مثلاً لعمل دعوي في بلد ما، فلا بد أولاً أن تقوم الخطة على هدف أو مجموعة أهداف رئيسية، وهذه الأهداف الرئيسية لا بد أن تكون منبثقةً ومستقاةً من سياسات عامة يضعها المستوى الأعلى، والذي بدوره وضع أهدافه بناءً على سياسات أعم وأشمل، وضعها مستوى أعلى منه، حتى نصل في النهاية إلى مجموعة من الأفكار الرئيسية التي تتبنَّاها المؤسسة الدعوية.

وبعدها يبدأ التحاور والنقاش المتواصل مع مجموعة العمل المشكّلة للجنة التي ستقوم بوضع الخطة الخاصة بها، ويراعى أثناء وضع الخطة إمكانية التعاون والتنسيق وعدم التضارب مع اللجان الدعوية الأخرى.

أريد أن أقول إن وضع الخطط في أي عمل مؤسسي -والمسجد أعظم تلك المؤسسات- لا يمكن أن يتم برأي شخصي أو بمزاج فردي، بل لا بد أن يكون في سياق منظومة الأفكار الرئيسية للمؤسسة وتابعًا لسياسة القسم نفسه وأهدافه المرحلية.

أقول هذا الكلام لأن وضع الخطط في العمل الدعوي غالبًا ما يتم بصورة عشوائية تعتمد على الفكر الشخصي ورغباته، والتي ربما لا تسير في اتجاه واحد مع الأهداف المطلوبة من المستوى الأعلى، وهو أمر ضد العمل الجماعي، ولا يعرفه العمل المؤسسي الناجح.

كما أن هناك من يضع الوسائل أولاً ثم يحدد عليها الأهداف وليس العكس، وهو خطأ ينسف عملية التخطيط من أساسها، ويجعلها عملاً عشوائيًّا بلا معنى.

أعتذر للإطالة في هذا التوضيح السابق، الذي أراه ضروريًّا قبل أن نبدأ في خطوات وضع خطة لعمل ما، ولنبدأ الآن:

أولاً: من يضع الخطة؟

في اعتقادي أن الشخص الذي سيقوم بوضع الخطة، أو الذي يريد وضع الخطة، لا بد أن تتوافر فيه المواصفات التالية:

1. أن يكون على درجة كبيرة من الفهم والوعي بالأفكار الرئيسية للمؤسسة.

2. أن يكون على دراية بأهداف العمل في قسمه الدعوي "المستوى الأعلى".

3. أن يكون من الخبرة بحيث يستطيع تحديد أهداف اللجنة أو العمل؛ بناءً على تقدير جيد ودراسة سليمة عن الإمكانات البشرية والمادية المتاحة له في الوقت الحالي، والتي تتناسب مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لبلده.

وإذا توافر هذا الشخص يمكن البدء في وضع الخطة المطلوبة، والتي سنوجز خطواتِ وضعها في الأسطر التالية:

خطوات وضع خطة لعمل لمدة عام:

1. استيعاب أهداف المستوى الأعلى "القسم التابع له اللجنة".

2. وضع الأهداف المطلوبة للجنة لمدة معينة "عام"، على أن يكون الهدف واضحًا ومحددًا ويمكن قياسه، أي ينبغي أن يكون هناك معيار واضح للتحديد بدقة، بنسبة كم في المائة تم تحقيق النجاح في هذا الهدف.

مثال: عندما نضع هدفًا، "زيادة عدد طلبة اللقاء العام في خلال العام الحالي"، هذا الهدف لا يمكن قياسه؛ لأننا لا نعرف على وجه الدقة على أي أساس سنأتي في نهاية العام ونحدِّد مقدار النجاح في تحقيق هذا الهدف.

أما إذا كانت صياغة الهدف كالآتي: "زيادة عدد الحضور في اللقاء العام بنسبة 100% خلال عام"، هنا يمكن تحديد الهدف بدقة، فيصبح المستهدف فى نهاية العام 60 طالبًا مثلاً أو 80 طالبًا، وهو هدف يمكن قياسه بسهولة، وتحديد مدى النجاح الذي تحقق فيه.

مثال آخر: عندما نضع هدفًا كالتالي، "فتح مساجد جديدة للعمل الدعوي"؛ فإن هذا الهدف غير محدد، ولتحديده نصيغه الصياغة الآتية: "فتح 5 مساجد حتى نهاية العام الحالي".

مثال آخر: شائع في وضع الأهداف غير المحدَّدة، والتي لا يمكن قياسها بدقة، ويتبع ذلك عدم القدرة على تقييم الخطة، ومعرفة السلبيات لعلاجها، والإيجابيات لتدعيمها: "نشر دعوة الخير بين الطلبة، نشر الفضيلة في المجتمع، زيادة الثقافة الدينية بين الشباب"، هذه الأهداف تصلح لأهداف عامة، ولكن عند وضعها في خطة عمل، فلا بد من تحويلها إلى أهداف جزئية يمكن قياسها.

نعود مرةً أخرى إلى خطوات وضع خطة، ومع البند الثالث فيها:

3. أن يكون الهدف مناسبًا للفترة الزمنية المحددة له، فأحيانًا يدفع الحماس بعض المشرفين إلى أن يصوغوا أهدافًا غير واقعية على الإطلاق، فربما يضع المشرف هدفًا في عام، يتطلب تحقيقه خمس سنوات، وربما يضع آخر في خمس يتطلَّب تحقيقه عشرين، والمشكلة أن المشرفين يكتشفون بعد ممارسة العمل فعليًّا أن هذه الأهداف ما كانت إلا أحلامًا من الصعب جدًّا تحقيقها على أرض الواقع، فيتحول الحماس إلى إحباط وعدم ثقة في الخطة ومن وضعها بل وعملية التخطيط نفسها.

وتلعب خبرة القائمين على وضع الخطة على القدرة على تحديد الهدف خلال فترة زمنية مناسبة له، فلا يضعون هدفًا يحتاج إلى عام في شهرين أو العكس

4. بعد النجاح في تحديد الهدف بدقة وخلال فترة زمنية مناسبة، يتم تقسيم الهدف إلى أهداف مرحلية، كل ربع سنة مثلاً، إذا كان الهدف لمدة عام؛ بحيث يمكن تتبع مسار تحقيق الهدف كل فترة زمنية قصيرة، فتتمكن اللجنة من تفادي السلبيات إذا وجدت قصورًا في تحقيق الهدف، أو تحاول تحسين كفاءة العمل بتطوير بعض الأساليب والوسائل المؤدية لتحقيقه.

5. وضع الوسائل المناسبة لتحقيق الهدف.

6. عمل جدول تشغيل دقيق لهذه الوسائل باليوم والساعة والمدة الزمنية للعمل، ووضع خانات في جدول التشغيل تمكِّن المسئول من متابعة العمل بدقة، وتقييمه ورفع كفاءته، مثل: هل تم تنفيذ العمل أو لا، تقييم العمل بالدرجات، تصحيح الخطأ "إن وُجِد".

إلى هنا يكون وضع الخطة قد انتهى، لتبدأ بعدها مرحلةً أخرى هي مرحلة التنفيذ والمتابعة، وهو موضوع آخر يعاني منه العمل الدعوي أيضًا.

مقالات مشابهة

كيف نضع خطة العام الدعوية؟

منذ 0 ثانية

أ. أحمد صلاح- داعية إسلامي

خطة دعوية تنفيذية لحملة .. "حياة بلا تدخين"

منذ 4 دقيقة

قسم تطوير الأنشطة المسجدية

مشروع دروس تقوية للطلاب بطيئي التعلم والاستيعاب

منذ 6 دقيقة

قسم تطوير الأنشطة المسجدية

أطلقوا العنان للمبادرات الشبابية !

منذ 10 دقيقة

أ. عماد عبد العزيز الحاج

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

كيف نضع خطة العام الدعوية؟

منذ 0 ثانية8751
المُصالَحةُ الفِلَسْطِيْنِيَّةُ .. رُؤْيَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَنَفْسِيَّةٌ

منذ 6 ثانية2514
مسجد السنة - النصيرات

منذ 53 ثانية3594
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi