شريط الأخبار

إِلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ!

أ. محمود موسى بربخ - خطيب بوَزارة الأوقاف منذ 0 ثانية 3848

أَعْنِي أَنْتَ أَنْتَ لَا غَيْرَكَ، لَا تَلْتَفِتْ يَمِينَاً شِمَالاً، أَمَاماً خَلْفاً، أَنْتَ يا مَنْ زَيَّنْتَ نَفْسَكَ بِشَعِيرَةٍ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ، أَنْتَ الذِي عَلَى ثَغْرٍ عَظِيمٍ، اعْلَمْ أَنَّ مِنَ الأَمَانَةِ المُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبَكَ أَنْ تَحْفَظَ هَذَا الثَّغْرَ مِنَ الثَّغْرَةِ، وَأَنْ تَكُونَ أَمِيناً عَلَى هَذَا الحِصْنِ، فَلا يُخْتَرَقُ وَلَا يُمَسُّ بِسُوءٍ يَنْخَرُ هَذَا الحِصْنَ الشَّامِخَ مِنْ قِبَلِكَ، فَمَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلَّا وَهُوَ حَامِلٌ لِلْرَّايَةِ، وَعَلَى ثَغْرٍ عَظِيمٍ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَلَّا يُؤْتَى الإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِهِ فَلْيَفْعَلْ.

فَأَنْتَ يَا صَاحِ يَا حَامِلَ رَايَةِ الإِسْلَامِ، يَا حَافِظَ كِتَابِ اللهِ، يَا ذَا لِحْيَةٍ زَيَّنْتَ بِهَا وَجْهَكَ، يَا دَاعِيَةَ الخَيْرِ، يَا ابْنَ جَمَاعَةٍ إِسْلَامِيَّةٍ قَدْ يَكُونُ ثَمَّةَ خَطَأٌ مِنْكَ لَيْسَ مَقْبُولاً مِنْكَ أَلْبَتَّةَ، مَعَ عِلْمِي أَنَّكَ لَسْتَ مَلَكاً مُبَرَّءًا مِنَ العَيْبِ وَالخَطَأِ، وَلَكِنْ هُنَاكَ ثَمَّةَ أَخْطَاءٌ لَا مُبَرِّرَ لَهَا وَلا قَبُولَ إِطْلَاقاً.

لَا تَقُلْ لِي أَنَّ طَبْعِي هَكَذَا، وَسَجِيَّتِي كَيْتٌ وَكَيْتٌ، أَقُولُ لَكَ حِينَهَا: وَمَاذَا غَيَّرَ فِيكَ القُرْآنَ؟! ارْجِعْ اقْرَأِ القُرْآنَ فَإِنَّكَ لَمْ تَقْرَأْهُ بَعْدُ، أَقَمْتَ الحُرُوفَ وَلَمْ تُقِمِ الحُدُودَ، بِئْسَ حَامِلُ القُرْآنِ أَنْتَ، وَلِهَذَا المَعْنَى فَطَنَ الفُضَيْلُ بْنُ عِياضٍ -رَحِمَهُ اللهُ- لَمَّا قَالَ: "حَامِلُ القُرْآنِ حَامِلُ رَايَةِ الإِسْلَامِ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْهُوَ مَعَ مَنْ يَلْهُو، وَلَا يَسْهُوَ مَعَ مَنْ يَسْهُو، وَلَا يَلْغُوَ مَعَ مَنْ يَلْغُو.. تَعْظِيمًا لِحَقِّ القُرْآنِ."

وَأَنْتَ مَاذَا غَيَّرَ فِيكَ انْتِمَاؤُكَ لِلْإِسْلَامِ؟! مَاذَا غَيَّرَ فِيكَ انْتِمَاؤُكَ لِمَنْهَجٍ إِسْلَامِيٍّ؟!، وَمِنَ الأَخْطَاءِ الجِسَامِ وَالعُيُوبِ العِظَامِ أَنْ يُبَرِّرَ الوَاحِدُ مِنَّا خَطَأً صَدَرَ مِنْ شَخْصٍ حامِلِ الرَّايَةِ عَلَى أَنَّهُ صَدَرَ مِنْ فُلانٍ عادِيٍّ؟! يَا هَذَا أَيْنَ عَقْلُكَ وَلُبُّكَ وَشَرْعُ رَبِّكَ مِنْ قَبْلُ الذِي يَضْبِطُكَ لَا يَدَعُكَ تَمْشِي سَبَهْــلَلاً؟!.

كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثَغْرِ الإِسْلَامِ، فَاللهَ اللهَ أَنْ يُؤْتَى الإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَفِيرُ الإِسْلَامِ، فَالأُمُّ عَلَى ثَغْرٍ فِي بَيْتِهَا، إِنْ صَانَتْ بَيْتَ زَوْجِهَا وَأَحْسَنَتْ تَرْبِيَةَ أَبْنَائِهَا، قَدَّمَتْ لِلْأُمَّةِ جِيلاً سَيَصْنَعُ تَارِيخَاً تَتَغَنَّى بِهَا الأُمَّةُ، وَلَعَلَّهُ هَذَا السِّـرُّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]، فَإِيَّاكِ أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكِ!، وَكَذَا المُعَلِّمُ عَلَى ثَغْرٍ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُولَ أَنَّ الوَظِيفَةَ الأَسْمَى عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ هِيَ وَظِيفَةُ المُعَلِّمِ فَقُلْ، وَلَنا المَثَلُ الأَعْلَى فِي النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَهُوَ أَفْضَلُ المُعَلِّمِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَأَنْتَ أَيُّهَا المُعَلِّمُ تَلْعَبُ دَوْرًا أَسَاسِيَّاً فِي نَهْضَةِ المُجْتَمَعِ وبِنَاءِ الأُمَمِ، فَإِيَّاكَ أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكَ!.

كُونُوا كَسَالِـمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا قَالَ لَهُ الصَّحَابَةُ فِي مَعْرَكَةِ اليَمَامَةِ: "يَا سَالِمُ، إِنَّا نَخَافُ أَنْ نُؤْتَى مِنْ قِبَلِكِ!"، فَقَالَ سَالِمٌ: "بِئْسَ حَامِلُ القُرْآنِ أَنَا إِذَا أُوتِيْتُمْ مِنْ قِبَلِي".

هَلْ تَأَمَّلْنَا هَذِهِ الكَلِمَةَ وَتَدبَّرْنَاهَا؟!، هَلْ اسْتَشْعَرْنا مَعْنَاهَا؟!، هَكَذَا كَانُوا، وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ نَكُونَ.

حِمَى الإِسْلَامِ تَحْتَاجُ إِلَى حِرَاسَةٍ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَكَالَبَ الأَعْدَاءُ عَلَى أَهْلِ المِلَّةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَلَنْ يَقُومَ بِحِرَاسَةِ حِمَى الإِسْلَامِ إِلَّا مَنِ اصْطَفَاهُ اللهُ لِلْقِيَامِ بِهَذِهِ المَهَمَّةِ، وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالْحِرَاسَةِ هُمْ حَامَلُو الرَّايَةِ لَا غَيْرُهُمْ، فَالْحَذَرَ الحَذَرَ أَنْ تَكُونَ الثَّغْرَةُ فِي مَوْطِنِكَ الذِي أَنْتَ فِيهِ؛ فَكُلُّنَا حُرَّاسٌ لِحُدُودِ الإِسْلَامِ.

فَيَا حَامِلَ الرَّايَةِ، وَ يَا سَفِيرَ الدَّعْوَةِ.. لَا تَنْزِلْ عَنْ جَبَلِ الرُّمَاةِ، فَمَا أَجْمَلَكَ وَأَنْتَ فِي عِفَّةِ الصِّدِّيقِ يُوسُفَ، وَقُوَّةِ مُوسَى، وَفَصَاحَةِ هَارُونَ، وَحِلْمِ إِبْرَاهِيمَ، وَذِكْرِ يُونُسَ، وَحَنَانِ يَحْيَى، وَسَلَامِ عِيسَى -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- وَمَجَامِعِ الخُلُقِ القَوِيمِ لِسَيِّدِ الخَلْقِ -عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ-.

أَنْتُمْ تُمَثِّلُونَ الأَنْبِيَاءَ؛ لِأَنَّكُمْ مُسْلِمُونَ، أَنْتُمْ لِلْهِدَايَةِ لَا لِلْغِوَايَةِ، فَلِيَحْمِلِ الجَمِيعُ هَمَّ البَلَاغِ عَنْ رِسَالَةِ الإِسْلَامِ بِالفِعَالِ وَالأَقْوَالِ، وَلِيَتَشَرَّفَ بِالمَسْؤُولِيَّةِ مِنْ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّنا إِذَا لَمْ نَكُنْ كَذَلِكَ -عِيَاذًا بِاللهِ- صِرْنَا بِسُوءِ أَفْعَالِنَا نَصُدُّ غَيْرَنا، شَعَرْنا بِذَلِكَ أَمْ لَا.

وَالحَمْدُ للهِ فِي بَدْءٍ، وَفِي خَتْمٍ.

مقالات مشابهة

إِلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ!

منذ 0 ثانية

أ. محمود موسى بربخ - خطيب بوَزارة الأوقاف

التَّفاؤُلُ وَأهَمِّيَّتُهُ فِي الإِسْلامِ

منذ 1دقيقة

أ. أحمد عليان عيد - خطيب بوَزارة الأوقاف

أثر المسجد في بناء شخصية الطفل

منذ 1دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

مِنْحَةٌ وَسْطَ المِحْنَةِ

منذ 4 دقيقة

د. شادي حمزة طبازة - خطيب بوزارة الأوقاف

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

إِلَيْكَ يَا حَامِلَ الرَّايَةِ!

منذ 0 ثانية3848
مسجد العائدون - حي الشجاعية

منذ 45 ثانية3985
مسجد خالد بن الوليد - حي السلام

منذ 51 ثانية3999
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi