شريط الأخبار

بَعْدَ الطَّاعَاتِ.. طَلَبُ القَبُولِ وَالثَّبَاتُ

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين منذ 0 ثانية 2107

إِنَّ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ تَوْفِيقَهُمْ لِلْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ، إِذْ يَقُومُونَ بِأَعْمَالٍ يُحِبُّهَا، فَيَرْفَعُ بِهَا دَرَجَاتِهِمْ، وَيُدْنِيهِمْ مِنْهُ، وَيَجْعَلُهُمْ عَلَى خَيْرٍ، وَفِي دُرَّةِ هَذِهِ الطَّاعَاتِ مَا وَفَّقَ اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ عِبَادَهُ مِنْ أَعْمَالٍ عَظِيمَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ.

إِنَّ الصِّيَامَ وَالقِيَامَ وَالإِقْبَالَ عَلَى القُرْآنِ وَالإِنْفَاقَ وَصِلَةَ الأَرْحَامِ، وَحُضُورَ مَجَالِسِ العِلْمِ وَذِكْرَ الله وغيرها من الطاعات، كُلُّهَا أَعْمَالٌ عَظِيمَةٌ تَسْتَحِقُّ أَنْ يَعِيَ المُسْلِمُ آدَابَ التَّوْفِيقِ لَهَا.

وَقَدْ ذَكَرَ القُرْآنُ الكَرِيمُ جُمْلَةً مِنَ الآدَابِ التِي يَحْسُنُ الإِتْيَانُ بِهَا عَقِبَ فِعْلِ الطَّاعَاتِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة:127-128]، حَيْثُ تَتَحَدَّثُ الآيَتَانِ عَنْ أَعْظَمِ عَمَلٍ قَامَ بِهِ رَسُولَا رَبِّ العَالَمِينَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-، وَهُوَ رَفْعُ بِنَاءِ الكَعْبَةِ المُشَرَّفَةِ عَلَى القَوَاعِدِ الأُولَى التِي وَضَعَتْهَا المَلَائِكَةُ أَوْ آدَمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَمَامَ هَذَا العَمَلِ العَظِيمِ بَرَزَتْ آدَابٌ جَلِيلَةٌ حَرِيٌّ بِالْمُسْلِمِ الذِي وُفِّقَ لِلْطَّاعَاتِ فِي رَمَضَانَ أَنْ يَسْتَشْعِرَها، وَهِيَ كَالآتِي:

أَوَّلًا: طَلَبُ القَبُولِ إِذْ قَالَا: )رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا(، فَالأَمْرُ الأَهَمُّ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَةِ هُوَ قَبُولُهَا مِنَ اللهِ تَعَالى وَالثَّوَابُ عَلَيْها، وَإِلَّا مَا فَائِدَةُ عَمَلٍ -وَإِنْ عَظُمَ- إِنْ لَمْ يَتَقَبَّلْهُ اللهُ تَعَالى؟! وَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالى عَنْ أُنَاسٍ عَمِلُوا أَعْمَالًا عَظِيمَةً وَلَكِنَّها غَيْرُ مَقْبُولَةٍ؛ لِفَقْدِها رُكْنَيِ القَبُولِ أَوْ أَحَدَهُمَا -الإِخْلَاصَ وَالاسْتِقَامَةَ-، فَحَقَّ عَلَيْهَا قَوْلُ اللهِ تَعَالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفُرْقان:23].

ثَانِيًا: طَلَبُ الثَّبَاتِ عَلَى الطَّاعَاتِ إِذْ قَالَا: )رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك)، فَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ أَوَّلُ المُسْلِمِينَ، وَهُوَ مَنْ سَمَّانا بِهَذَا، وَمَعْنَى )وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك( أَيْ: أَنَّهُما دَعَيا اللهَ تَعَالى أَنْ يُثَبِّتَهُما عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ طَاعَةٍ، بِتَنْفِيذِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الطَّاعَاتُ خَالِصَةً للهِ وَحْدَهُ، وَ)لَك) أَيْ: خَالِصَةً لَكَ وَحْدَكَ يَا رَبَّنا، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ سِوَاكَ مِنْهَا نَصِيبٌ.

ثَالِثًا: الدُّعَاءُ لِلْذُّرِّيَّةِ إِذْ قَالَا: )وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) أَيْ: وَاجْعَلْ مِنْ أَوْلَادِنَا وَأَسْبَاطِنَا وَنَسْلِنَا مَنْ يَعْبُدُونَكَ وَيَثْبُتُونَ عَلَى طَاعَتِكَ، وَالدُّعَاءُ لِأَجْلِ الذُّرِّيَّةِ مِمَّا يَتَّفِقُ وَفِطْرَةَ الإِنْسَانِ، وَدَفْعَ العَاطِفَةِ تُجَاهَ الأَقْرَبِينَ، وَهُوَ مِنَ المَحْمُودِ فِي الخَيْرِ، وَأَفْضَلُ الخَيْرِ وَأَتَمُّهُ تَوْحِيدُ اللهِ تَعَالَى وَالثَّبَاتُ عَلَى طَاعَتِهِ، قَالَ تَعَالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحِجْر:99].

رَابِعًا: طَاعَةُ اللهِ عَلَى عِلْمٍ إِذْ قَالَا: (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا)، أَيْ: عَلِّمْنَا كَيْفَ نُقِيمُ عِبَادَاتِنَا، فَحَرِيٌّ بِالْمَرْءِ أَنْ يَعْبُدَ اللهَ تَعَالى عَلَى عِلْمٍ، وَأَنْ يَسْتَشْعِرَ وُجُوبَ تَعَلُّمِ كَيْفِيَّةِ إِقَامَةِ العِبَادَاتِ، وَأَنْ يَسْعَى لِتَحْقِيقِهِا، قَالَ تَعَالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطِر:28].

خَامِسًا: الاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِيرِ إِذْ قَالَا: )وَتُبْ عَلَيْنَا)، وَالتَّوْبَةُ مِنَ المُسْلِمِ وَاجِبَةٌ مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ، وَتَكُونُ بِتَرْكِهَا، وَالنَّدَمِ عَلَى فِعْلِها، وَالعَزْمِ عَلَى عَدَمِ العَوْدَةِ إِلَيْها، وَالتَّحَلُّلِ مِنْها إِذَا كَانَتْ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ، أَمَّا التَّوْبَةُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَمِمَّا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ بِالإِتْيَانِ بِخِلَافِ الأَوْلَى، وَتَوْبَةُ اللهِ تَعَالى هِيَ تَفَضُّلُهُ عَلَى المَرْءِ بِتَيْسِيرِ الهُدَى إِلَيْهِ، وَتَثْبِيتُهُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَفِي قَوْلِ نَبِيَّيِ اللهِ تَعَالى -إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ- هَذَا اعْتِرَافٌ بِالتَّقْصِيرِ وَعَدَمُ الغُرُورِ بِكَثْرَةِ الطَّاعَاتِ وَعِظَمِهَا، قَالَ تَعَالى: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المُدَّثِر:6].

مقالات مشابهة

بَعْدَ الطَّاعَاتِ.. طَلَبُ القَبُولِ وَالثَّبَاتُ

منذ 0 ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

مَحبَّةُ الرَّسولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

منذ 2 دقيقة

د. عبد الباري محمد خِلّة - خطيب بوَزارة الأوقاف

ما هِيَ مَسْئُوْلِيَّتُكَ الأُوْلى؟

منذ 5 دقيقة

أ. نور رياض عيد - خطيبٌ بوَزارةِ الأوْقاف

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

بَعْدَ الطَّاعَاتِ.. طَلَبُ القَبُولِ وَالثَّبَاتُ

منذ 0 ثانية2107
أسباب مرض القلب وقسوته

منذ 46 ثانية3110
مسجد العودة - خانيونس

منذ 1دقيقة2806
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi