شريط الأخبار

كَيْفِيَّةُ تَنْمِيَةِ عَوامِلِ الرُّجُولَةِ فِي شَخْصِيَّاتِ أبْنائِنا؟

د. نمر محمد أبو عون - خطيب بوزارة الأوقاف منذ 0 ثانية 2578

مِمَّا يُعانِي مِنْه كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ ظُهُوْرُ المُيُوْعَةِ وآثارِ التَّرَفِ فِي شَخْصِيّاتِ أوْلادِهِم، ولِمَعْرِفَةِ حَلِّ هذه المُشْكِلةِ وتَدارُكِ الأجْيالِ القادِمةِ التِي تَعْقِدُ الأُمَّةُ عَلَيْهِم آمالَها؛ لابُدَّ مِنَ الإجابةِ عَنِ السُّؤالِ التَّالي: كَيْفَ نُنَمِّي عَوامِلَ الرُّجُوْلةِ فِي شَخْصِيّاتِ أوْلادِنا؟! إنَّ مَوْضُوْعَ هذا السُّؤَالِ هُوَ مِنَ المُشْكِلاتِ التَّرْبَوِيَّةِ الكَبِيْرةِ فِي هذا العَصْرِ، وهُناكَ عَدَدٌ مِنَ الحُلُوْلِ الإسْلامِيّةِ، ومِنْ ذلك ما يَلِي:

1. الحِرْصُ عَلى تَكْنِيَتِهِ:

أيْ مُناداةُ الصَّغِيْرِ بِأَبِي فُلانٍ أو الصَّغِيْرةِ بِأُمِّ فُلانٍ، فَهذا يُنَمِّي الإحْساسَ بِالمَسْئُوْلِيّةِ، ويُشْعِرُ الطِّفْلَ بِأَنَّهُ أكْبَرُ مِنْ سِنِّهِ فَيَزْدَادُ نُضْجُهُ، ويَرْتَقِي بِشُعُوْرِهِ عَنْ مُسْتَوَى الطُّفُوْلَةِ المُعْتادِ، ويَحُسُّ بِمُشابَهَتِهِ لِلْكِبارِ، وقَدْ كانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَنِّي الصِّغارَ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟!»، وكذلك عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَ: «مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟» فَسَكَتَ القَوْمُ، قَالَ: «ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ» فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ، فَأَخَذَ الخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا، وَقَالَ: «أَبْلِي وَأَخْلِقِي»، قَوْلُهُ (فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ): فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى صِغَرِ سِنِّهَا إِذْ ذَاكَ وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ حِينَئِذٍ مُمَيِّزَةً.

2. أخْذُهُ لِلْمَجامِعِ العامّةِ وإجْلاسُهُ مَعَ الكِبارِ:

فهذا مِمَّا يُنَمِّي الرُّجُوْلَةَ فِي شَخْصِيَّةِ الطِّفْلِ، ويُلَقِّحُ فَهْمَهُ ويَزِيْدُ فِي عَقْلِهِ، ويَحْمِلُهُ عَلى مُحاكاةِ الكِبارِ، وكذا كانَ الصَّحابةُ رضِي اللهُ عَنْهُم يَصْحَبُوْنَ أوْلادَهُمْ إلى مَجْلِسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومِنَ القَصَصِ فِي ذلكَ:" كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ، فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ".

3. تَحْدِيْثُهُمْ عَنْ بُطُوْلاتِ السَّابِقِيْنَ واللَّاحِقِيْنَ والمَعارِكِ الإسْلامِيّةِ وانْتِصاراتِ المُسْلِمِيْنَ؛ لِتَعْظُمَ الشَّجاعَةُ فِي نُفُوْسِهِم، وهِيَ مِنْ أهَمِّ صِفاتِ الرُّجُوْلةِ.

4. تَعْلِيْمُهُم الرِّياضاتِ الرُّجُوْلِيّةِ:

كَالْرِّمايَةِ والسِّباحَةِ ورُكُوْبِ الخَيْلِ: " كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ، وَمُقَاتِلَتَكُمُ الرَّمْيَ".

5. يُجَنَّبُ الطِّفْلُ أسْبابَ المُيُوْعَةِ والتَّخَنُّثِ:

وتَجْنِيْبُهُ مَجالِسَ اللَّهْوِ والباطِلِ؛ فإنَّها مُنافِيَةٌ لِلْرُّجُوْلَةِ، فَيَمْنَعُهُ وَلِيُّهُ مِنْ رَقْصٍ كَرَقْصِ النِّساءِ، وحَثُّهُ عَلى الاهْتِمامِ بِالْحِشْمَةِ فِي مَلابِسِه وتَجْنِيْبُهُ المُيُوْعَةَ فِي الأزْياءِ وقَصَّاتِ الشَّعَرِ.

6. إبْعادُهُ عَن التَّرَفِ وحَياةِ الدَّعَةِ والكَسَلِ والرَّاحَةِ والبَطالَةِ؛ لِيَكُونَ أجْلَدَ لِجِسْمِهِ، كمَا قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضِي اللهُ عَنْهُ:" اخْشَوْشِنُوا،...، وإيَّاكُمْ والتَّنَعُّمَ".

7. الحَذَرُ مِنْ إهانَتِهِ خاصَّةً أمامَ الآخَرِيْنَ واحْتِقارِ أفْكارِهِ:

بَلْ تَشْجِيْعُهُ عَلى المُشارَكةِ، واسْتِشارَتِهِ وأخْذِ رَأْيِهِ، وتَوْلِيَتِهِ مَسْئُوْلِيّاتٍ تُناسِبُ سِنَّهُ وقُدُراتِهِ، ونَحْوِها.

8. تَعْلِيْمُهُ الأَدَبَ مَعَ الكِبارِ:

ومِنْ جُمْلةِ ذَلِكَ ما جاءِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَالمَارُّ عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ» [متفق عليه]، وتَعْلِيْمُهُ الجُرْأَةَ فِي مَواضِعِها، ويَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَدْرِيْبُهُ عَلى الخَطابَةِ.

9. إلْقاءُ السَّلامِ عَلَيْهِ: وفِي الحَدِيْثِ:" أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ» [رواه مسلم].

10. إعْطاءُ الصَّغِيْرِ قَدْرَهُ وقِيْمَتَهُ فِي المَجالِسِ:

ومِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ حَدِيْثُ البُخَارِيِّ:" أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ أَصْغَرُ القَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: «يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ»، قَالَ: «مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ» [رواه البخاري].

11. اسْتِكْتامُهُ الأسْرارَ:

ويَصْلُحُ مِثالاً لِذَلِكَ حَدِيْثُ أَنَسٍ -رضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ-: "أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحَاجَةٍ، قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَدًا" [رواه مسلم].

مقالات مشابهة

الخَوْفُ مِنَ اللهِ أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ

منذ 18 ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

أعمالٌ تُطيلُ العُمُرَ وتَزيدُ في الحسَناتِ

منذ 2 دقيقة

د. عبد الباري خِلّة - خطيب بوَزارة الأوقاف

المَسْجِدُ الخَدَماتِيُّ!!

منذ 3 دقيقة

أ. نور رياض عيد - خطيبٌ بوَزارةِ الأوْقاف

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

كَيْفِيَّةُ تَنْمِيَةِ عَوامِلِ الرُّجُولَةِ فِي شَخْصِيَّاتِ أبْنائِنا؟

منذ 0 ثانية2578
الخَوْفُ مِنَ اللهِ أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ

منذ 18 ثانية2758
أهمية التخصص وحض النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه

منذ 1دقيقة3934
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi