شريط الأخبار

رفع الصوت بالأذان والإقامة

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين منذ 0 ثانية 3173

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله الطيبين، وصحابته الغر الميامين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فمعلوم أن الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة ومن العبادات الفاضلة، جعل الله لها من الثواب ما لو علم الناس مقداره لتنافسوا عليه، فالمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة، إذا ألجم الناس العرق؛ جزاء ما رفعوا أصواتهم بذكر الله بحيث يسمعه القاصي والداني، ويشهد لهم يوم القيامة كل شيء سمع أذانهم في الدني.

ولما كان المقصود بالأذان إعلام الناس بوقت الصلاة، ودعوتهم إلى أدائها جماعة في المسجد كان لابد من رفع الصوت بالأذان؛ ليتحقق ذلك المقصود، ويكون رفع الصوت بالإقامة دون رفع الصوت في الأذان، لأن الإقامة للحاضرين.

فما الحكم الشرعي في رفع الصوت بالأذان؛ هل ذلك مشروط في الأذان أم أنه مسنون فقط؟

اتفق الفقهاء على مشروعية رفع الصوت بالأذان، واختلفوا في اشتراطه لصحة الأذان، ولا يخلو الأمر من حالتين:

الحالة الأولى: أن يؤذن المؤذن لجماعة غير حاضرين معه.

الحالة الثانية: أن يؤذن لنفسه أو لجماعة خاصة حاضرين معه.

فهما مسألتان تأتيان في فرعين:

الحالة الأولى: إذا كان المؤذن يؤذن لجماعة غير حاضرين معه:

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول:

يشترط رفع الصوت بالأذان، فلا يصح بدونه، وهو رأي لبعض الحنفية والصحيح عند الشافعية، ومذهب الحنابلة، وبعض الشافعية اعتبروه ركن.

أدلة القول الأول:

استدل من يشترط رفع الصوت بالأذان بما يلي:

أولاً: من الآثار:

ما ثبت عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال لعبد الرحمن بن أبي صعصعة: (فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ) قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وجه الدلالة:

في الأثر الأمر برفع الصوت في الأذان، وهذا في حق المنفرد في البادية، ففي حق الجماعة من باب أولى.

ثانياً: من المعقول:

1- أن المقصود بالأذان الإعلام ولا يحصل إلا برفع الصوت.

2- لأنه أبلغ في الإعلام وجمع الجماعة.

القول الثاني:

أنه لا يشترط رفع الصوت بالأذان، بل هو سنة، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والوجه الثاني عند الشافعية.

أدلة القول الثاني:

استدل من يرى أن رفع الصوت بالأذان ليس شرطاً بل هو سنة بما يلي:

أولاً من السنة:

1- قوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» [رواه أبو داود].

2- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» [رواه أبو داود].

وجه الدلالة من الحديثين:

أن ظاهرهما يدل على استحباب رفع الصوت بالأذان.

ثانياً من الآثار:

استدلوا بالأثر المروي عن أبي سعيد الخدري المتقدم، وحملوا الأمر فيه على الاستحباب برفع الصوت بالأذان.

التـرجيـح:

الراجح والله أعلم- هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وهو اشتراط رفع الصوت في الأذان؛ وذلك لقوة الأدلة، وخصوصاً تعليلهم لذلك بأن المقصود من الأذان الإعلام، ولا يحصل ذلك إلا برفع الصوت.

هذا وقد اتفق الفقهاء على أنه لا ينبغي للمؤذن أن يجهد نفسه بما فوق طاقته مبالغة في رفع صوته بالأذان؛ لئلا يحصل له ضرر بذلك؛ لما روي عن أبي محذورة -رضي الله عنه- قال: "لما قدم عمر مكة أذنت فقال لي عمر: (يا أبا محذورة، أما خفت أن ينشق مريطاؤك؟).

الحالة الثانية: إذا كان المؤذن يؤذن لنفسه أو لجماعة خاصة حاضرين معه:

اتفق الفقهاء على أنه إذا كان المؤذن يؤذن لنفسه أو لجماعة حاضرين معه فلا يشترط له رفع الصوت إلا بقدر ما يسمع نفسه أو يسمع الحاضرين معه؛ لأن المقصود من الأذان وهو الإعلام يحصل بذلك، واختلفوا في استحباب ذلك له من عدمه على قولين:

القول الأول:

أنه يستحب له رفع الصوت، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة والصحيح عند الشافعية، إلا إذا كان بمسجد أو نحوه كرباط من أمكنة الجماعات وقعت فيه جماعة أو أذن فيه فيستحب أن لا يرفع صوته لئلا يغر الناس كما صرح بذلك بعض الفقهاء الشافعية والحنابلة.

أدلة القول الأول:

استدل القائلون باستحباب رفع الصوت الأذان لمن يؤذن لنفسه أو لجماعة خاصة حاضرين معه بالأحاديث الواردة بالأمر برفع الصوت بالأذان وبيان فضل ذلك ومنها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ» [رواه أبو داود].

وحديث عبد الله بن زيد: «فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» [رواه أبو داود وابن ماجه]، وحديث أبي سعيد: «فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلَاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ» [صحيح البخاري].

القول الثاني:

 أنه لا يستحب له رفع صوته، وهو وجه عند الشافعية.

أدلة القول الثاني:

استدل القائلون بأن من يؤذن لنفسه أو لجماعة حاضرين معه لا يستحب له أن يرفع الصوت؛ لأن من كان كذلك فإنه لا يدعو غيره ممن هو غائب عنه، فلا وجه لرفع الصوت، وحملوا الأحاديث الواردة في فضل رفع الصوت على من كان يؤذن لجماعة.

مسألة: الأذان عبر مكبرات الصوت:

استعمال مكبرات الصوت في الأذان وغيره من المسائل المستجدة إذ أن اختراع مكبرات الصوت بدأ عام 1876م.

وكما سبق نقل اتفاق العلماء على مشروعية رفع الصوت بالأذان، وأنه مطلوب في الأذان بل هو شرط على القول الراجح، وتقدمت الأدلة على ذلك، لذا فإن مكبرات الصوت من نعم الله تعالى على أهل القبلة؛ لأنها تزيد الصوت قوة وحسناً لإعلام الشعائر الإسلامية، وإبلاغ الخير للبرية، ونفوذه إلى أسماع أكبر عدد ممكن من الأحياء، ورحاب المساجد والمنتديات، وعلى هذا فالأذان بواسطة مكبرات الصوت يوافق سنن الأذان ولا محذور فيها شرعاً، فإذا كان كذلك وكانت وسيلة لأمر مطلوب شرعي فللوسائل أحكام المقاصد.

وقد صدرت قرارات وفتاوى المجمعات الفقهية والهيئات الإسلامية بجواز استعمال مكبرات الصوت في الأذان والخطب والصلوات ونحوها، منها ما يلي:

"الأذان بمكبرات الصوت لتبليغ من بعده وغيره لا حرج فيه؛ لما في ذلك من المصلحة العامة"، ومنها: "جاز شرعاً استعمال مكبر الصوت في المسجد لإسماع من لا يسمع من المصلين، سواء ذلك في الخطبة والصلاة والوعظ وغير ذلك. وليس هذا من البدعة المذمومة شرعاً، بل هو من أعمال البر والخير؛ لما يترتب عليه من سماع من لا يسمع واتعاظه"، والله أعلم.

ونسأل الله -جل وعلا- أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

مقالات مشابهة

رفع الصوت بالأذان والإقامة

منذ 0 ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية – فلسطين

الداعية بين اللين والشدة

منذ 13 ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية - فلسطين

اختيار المؤذن صاحب الصوت الجميل المرتفع

منذ 29 ثانية

شبكة مساجدنا الدعوية - فلسطين

إمام المسجد ودوره التعليمي والتربوي

منذ 2 دقيقة

شبكة مساجدنا الدعوية - فلسطين

الوسائط

هدفنا الارتقاء بأداء العاملين في إدارة المساجد وتطوير الأنشطة المسجديةإقرء المزيد عنا

كُن على تواصل !!

آخر الأخبار

رفع الصوت بالأذان والإقامة

منذ 0 ثانية3173
الداعية بين اللين والشدة

منذ 13 ثانية3294
اختيار المؤذن صاحب الصوت الجميل المرتفع

منذ 29 ثانية4550
Masjedna © Copyright 2019, All Rights Reserved Design and development by: Ibraheem Abd ElHadi