
ومن السلوكيات الخاطئة التي تُصيب البعض من الدعاة إهمالهم لجانب التحصيل العلمي، وتهميشهم لعنصر القراءة والمطالعة في كتب العلم، وهو أمر مستنكر على الدعاة، إذ كيف سيمارسون دورهم الوعظي والإرشادي بموجب انتمائهم للدعوة، وانتسابهم للدعاة، وهم قليلي العلم، شحيحي المعرفة.
إن الداعية ابتداءً يسعى للعلم ويجتهد فيه تزكية لنفسه أولاً، لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ ]فاطر:28[، وباعتباره ضرورة للقيام بواجب الدعوة إلى الله التي أمره الله بها ثانياً، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والعلم الذي يجب أن يسعى الداعية إلى تحصيله يجب أن يكون علماً راسخاً متيناً، يستدعيه متى احتاج إليه في مواقف الحياة المختلفة، لذا فالداعية الحق كثير المطالعة، دائم القراءة حتى يزداد كل يوم علماً، لقوله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ ]طـه:114[.
والحقيقة الثابتة التي يجب أن ينتبه إليها الدعاة إلى أن العلم يحيا وينمو بالمتابعة، ويذبل ويجف بالهجر والانقطاع، وسلفنا الصالح رغم علمهم الغزير، وفكرهم العميق، إلا أنك تجد عندهم رغبة شديدة في طلب العلم، والاستزادة منه، سُئل الإمام سفيان بن عيينه: من أحوج الناس إلى العلم؟ فقال: أعلمهم، فقيل له: ولماذا؟ قال: لأن الخطأ منه أقبح.
ومن هنا يتضح أهمية العلم بالنسبة إلى الداعية، فهو مراقب من كل العيون حوله، ويترقبون أفعاله وتصرفاته حتى يقتدوا بها، فهو في نظرهم العالم الداعية، فإذا فقد الداعية العلم وقع في المحذور بجهله فقلده الناس اقتداءً به.
والداعية الحقيقي المتصف بالحصافة والحكمة، يُعمل عقله، ويُنير فكره، ويُجدد علومه، فهو كثير المطالعة، مُحب للقراءة، لا يكتفي بمجال واحد، بل يُعدد مجالات العلم لديه، فيُنشط بها ذهنه، ويُوسع بها أفقه، ويُنمي بها ملكاته.